ومنه أيضا عن هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال أقيموا صفوفكم فإني أنظر إليكم من خلفي لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم ".
وروى في كتاب دعائم الاسلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله (2) قال: " سووا صفوفكم وحاذوا بين مناكبكم ولا تخالفوا بينها فتختلفوا ويتخللكم الشيطان تخلل أولاد الحذف " قال: والحذف ضرب من الغنم الصغار السود واحدتها حذفة فشبه رسول الله صلى الله عليه وآله تخلل الشيطان الصفوف إذا وجد فيها حللا بتخلل أولاد تلك الغنم بين كبارها. انتهى.
أقول: وروى العامة في صحاحهم (3) " كان رسول صلى الله عليه وآله يسوي صفوفنا كما يسوي القداح. وقال أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري. وقال سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة. وكان يمسح مناكبكم في الصلاة ويقول استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ".
قال في النهاية: فيه " سووا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم " أي إذا تقدم بعضهم على بعض في الصفوف تأثرت قلوبهم ونشأ بينهم الخلف. ومنه الحديث الآخر " لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم " يريد أن كلا منهم بصرف وجهه عن الآخر يوقع بينهم التباغض، فإن اقبال الوجه على الوجه من أثر المودة والألفة.
وقيل المراد تحويلها إلى الأدبار. وقيل تغيير صورها إلى صور أخرى.
وأنت خبير بأن ظاهر الخبر الأول من أخبار البصائر جواز المشي حال الصلاة لأجل إقامة الصف إذا رآهم مختلفين في الوقوف تقدما وتأخرا، وينبغي