قال: فخطب؟ قال: لا، إن الخطب كلام متصل، وهذا كلام منثور لا يشبه بعضه بعضا، له طلاوة، قال: فكهانة هو؟ قال: لا، قال: فما هو؟ قال:
دعني أفكر فيه، فلما كان من الغد قالوا: يا عبد شمس ما تقول؟ قال: قولوا: هو سحر، فإنه آخذ بقلوب الناس، فأنزل الله تعالى فيه: * (ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا - إلى قوله - عليها تسعة عشر) * (1).
وفي حديث حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال: جاء الوليد بن المغيرة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: اقرأ علي، فقال: * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) * (2) فقال: أعد، فأعاد، فقال: والله إن له لحلاوة وطلاوة (3)، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما هذا بقول بشر (4).
- ابن عباس: إن الوليد بن المغيرة أتى قريشا فقال: إن الناس يجتمعون غدا بالموسم وقد فشا أمر هذا الرجل في الناس وهم يسألونكم عنه فما تقولون؟ فقال أبو جهل: أقول: إنه مجنون، وقال أبو لهب: أقول: إنه شاعر، وقال عقبة بن أبي معيط: أقول: إنه كاهن، فقال الوليد: بل أقول: هو ساحر، يفرق بين الرجل والمرأة وبين الرجل وأخيه وأبيه، فأنزل الله تعالى: * (ن * والقلم...) * الآية، وقوله: * (وما هو بقول شاعر...) * الآية (5).
أقول: في البحار عن مناقب ابن شهرآشوب:
لما قالت قريش: إنه ساحر علمنا أنه قد أراهم ما لم يقدروا على مثله، وقالوا: هذا مجنون، لما هجم منه على شئ لم يفكر في عاقبته منهم، وقالوا: هو كاهن، لأنه أنبأ بالغائبات، وقالوا: معلم، لأنه قد أنبأهم بما يكتمونه من أسرارهم، فثبت صدقه من حيث قصدوا تكذيبه (6).
في تعداد أزواج النبي:
قال العلامة الطباطبائي في الميزان:
ومما اعترضوا عليه تعدد زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قالوا: إن تعدد الزوجات لا يخلو في نفسه عن الشره والانقياد لداعي الشهوة، وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقنع بما شرعه لامته من الأربع حتى تعدى إلى التسع من النسوة.
والمسألة ترتبط بآيات متفرقة كثيرة في القرآن، والبحث من كل جهة من جهاتها يجب أن يستوفى عند الكلام على الآية المربوطة بها، ولذلك أخرنا تفصيل القول إلى محاله المناسبة له، وإنما نشير ههنا إلى ذلك إشارة إجمالية، فنقول:
من الواجب أن يلفت نظر هذا المعترض المستشكل إلى أن قصة تعدد زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليست على هذه السذاجة - أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالغ في حب النساء حتى أنهى عدة أزواجه إلى تسع نسوة -