فادعه ومره فليكف عن آلهتنا ونكف عن إلهه، قال: فبعث أبو طالب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعاه، فلما دخل النبي (صلى الله عليه وآله) لم ير في البيت إلا مشركا، فقال: السلام على من اتبع الهدى، ثم جلس، فخبره أبو طالب بما جاؤوا له، فقال: أوهل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب ويطأون أعناقهم؟ فقال أبو جهل: نعم وما هذه الكلمة؟ فقال: تقولون: لا إله إلا الله، قال: فوضعوا أصابعهم في آذانهم، وخرجوا هرابا وهم يقولون: ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق فأنزل الله في قولهم: * (ص * والقرآن ذي الذكر - إلى قوله - إلا اختلاق) * (1).
- في تفسير القمي: * (وعجبوا أن جاءهم منذر منهم) * قال: نزلت بمكة، لما أظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الدعوة بمكة اجتمعت قريش إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سفه أحلامنا، وسب آلهتنا وأفسد شبابنا، وفرق جماعتنا، فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم جمعنا له مالا حتى يكون أغنى رجل في قريش ونملكه علينا، فأخبر أبو طالب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك، فقال: لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري ما أردته، ولكن يعطوني كلمة يملكون بها العرب، ويدين لهم بها العجم، ويكونون ملوكا في الجنة، فقال لهم أبو طالب ذلك، فقالوا: نعم وعشر كلمات، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) تشهدون أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فقالوا: ندع ثلاث مائة وستين إلها ونعبد إلها واحدا؟! فأنزل الله سبحانه: * (وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب - إلى قوله - إلا اختلاق) * أي تخليط (2).
- كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يكف عن عيب آلهة المشركين، ويقرأ عليهم القرآن، وكان الوليد بن المغيرة من حكام العرب يتحاكمون إليه في الأمور، وكان له عبيد عشرة عند كل عبد ألف دينار يتجر بها، وملك القنطار، وكان عم أبي جهل، فقالوا له: يا عبد شمس ما هذا الذي يقول محمدا؟ أسحر، أم كهانة، أم خطب؟ فقال:
دعوني أسمع كلامه، فدنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو جالس في الحجر فقال: يا محمد أنشدني شعرك، فقال: ما هو بشعر ولكنه كلام الله الذي بعث أنبياءه ورسله، فقال: أتل، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، فلما سمع الرحمن استهزأ منه وقال:
تدعو إلى رجل باليمامة باسم الرحمن؟! قال: لا ولكني أدعو إلى الله وهو الرحمن الرحيم، ثم افتتح حم السجدة، فلما بلغ إلى قوله: * (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) * (3) وسمعه، اقشعر جلده وقامت كل شعرة في بدنه، وقام ومشى إلى بيته ولم يرجع إلى قريش، فقالوا: صبأ أبو عبد شمس إلى دين محمد، فاغتمت قريش وغدا عليه أبو جهل فقال:
فضحتنا يا عم، قال: يا بن أخي ما ذاك وإني على دين قومي، ولكني سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود، قال أفشعر هو؟ قال: ما هو بشعر،