فتزوج بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونزل فيها الآيات.
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) تزوج لأول مرة بعد وفاة خديجة بسودة بنت زمعة وقد توفي عنها زوجها بعد الرجوع من هجرة الحبشة الثانية، وكانت سودة هذه مؤمنة مهاجرة، ولو رجعت إلى أهلها وهم يومئذ كفار لفتنوها كما فتنوا غيرها من المؤمنين والمؤمنات بالزجر والقتل والإكراه على الكفر.
وتزوج بزينب بنت خزيمة بعد قتل زوجها عبد الله بن جحش في أحد، وكانت من السيدات الفضليات في الجاهلية تدعى أم المساكين، لكثرة برها للفقراء والمساكين وعطوفتها بهم، فصان بازدواجها ماء وجهها.
وتزوج بأم سلمة واسمها هند، وكانت من قبل زوجة عبد الله أبي سلمة ابن عمة النبي وأخيه من الرضاعة أول من هاجر إلى الحبشة، وكانت زاهدة فاضلة ذات دين ورأي، فلما توفي عنها زوجها كانت مسنة ذات أيتام فتزوج بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وتزوج بصفية بنت حيي بن أخطب سيد بني النظير، قتل زوجها يوم خيبر وقتل أبوها مع بني القريظة، وكانت في سبي خيبر فاصطفاها وأعتقها وتزوج بها، فوقاها بذلك من الذل ووصل سببه ببني إسرائيل.
وتزوج بجويرية واسمها برة بنت الحارث سيد بني المصطلق، بعد وقعة بني المصطلق وقد كان المسلمون أسروا منهم مائتي بيت بالنساء والذراري، فتزوج (صلى الله عليه وآله وسلم) بها، فقال المسلمون هؤلاء أصهار رسول الله لا ينبغي أسرهم وأعتقوهم جميعا، فأسلم بنو المصطلق بذلك، ولحقوا عن آخرهم بالمسلمين وكانوا جما غفيرا، وأثر ذلك أثرا حسنا في سائر العرب.
وتزوج بميمونة واسمها برة بنت الحارث الهلالية، وهي التي وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد وفاة زوجها الثاني أبي رهم بن عبد العزى، فاستنكحها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتزوج بها وقد نزل فيها القرآن.
وتزوج بأم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان، وكانت زوجة عبيد الله بن جحش وهاجر معها إلى الحبشة الهجرة الثانية فتنصر عبيد الله هناك وثبتت هي على الإسلام، وأبوها أبو سفيان يجمع الجموع على الإسلام يومئذ، فتزوج بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحصنها.
وتزوج بحفصة بنت عمر وقد قتل زوجها خنيس بن حذاقة ببدر وبقيت أرملة.
وتزوج بعائشة بنت أبي بكر وهي بكر.
فالتأمل في هذه الخصوصيات - مع ما تقدم في صدر الكلام من جمل سيرته في أول أمره وآخره وما سار به من الزهد وترك الزينة وندبه نساءه إلى ذلك - لا يبقي للمتأمل موضع شك في أن ازدواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) بمن تزوج بها من النساء لم يكن على حد غيره من عامة الناس.
أضف إلى ذلك جمل صنائعه (صلى الله عليه وآله وسلم) في النساء، وإحياء ما كانت قرون الجاهلية وأعصار الهمجية أماتت من حقوقهن في الحياة، وأخسرته من وزنهن في المجتمع الإنساني، حتى روي