ابن مريم) * (1)، وما في قوله تعالى: * (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) * (2)، وما في قوله تعالى:
* (ولا تقولوا ثلاثة) * (3).
وهذه الآيات وإن اشتملت بظاهرها على كلمات مختلفة ذوات مضامين ومعان متفاوتة، ولذلك ربما حملت (4) على اختلاف المذاهب في ذلك كمذهب الملكانية القائلين بالبنوة الحقيقية، والنسطورية القائلين بأن النزول والبنوة من قبيل إشراق النور على جسم شفاف كالبلور، واليعقوبية القائلين بأنه من الانقلاب، وقد انقلب الإله سبحانه لحما ودما.
لكن الظاهر أن القرآن لا يهتم بخصوصيات مذاهبهم المختلفة، وإنما يهتم بكلمة واحدة مشتركة بينهم جميعا وهو البنوة، وأن المسيح من سنخ الإله سبحانه، وما يتفرع عليه من حديث التثليث وإن اختلفوا في تفسيرها اختلافا كثيرا، وتعرقوا في المشاجرة والنزاع، والدليل على ذلك وحدة الاحتجاج الوارد عليهم في القرآن لسانا.
بيان ذلك: أن التوراة والأناجيل الحاضرة جميعا تصرح بتوحيد الإله تعالى من جانب، والإنجيل يصرح بالبنوة من جانب آخر، وصرح بأن الابن هو الأب لا غير.
ولم يحملوا البنوة الموجودة فيه على التشريف والتبريك مع ما في موارد منه من التصريح بذلك كقوله: " وأنا أقول لكم: أحبوا أعداءكم، وباركوا على لاعنيكم، وأحسنوا إلى من أبغضكم، وصلوا على من يطردكم ويعسفكم، كيما تكونوا بني أبيكم الذي في السماوات، لأنه المشرق شمسه على الأخيار والأشرار، والممطر على الصديقين والظالمين، وإذا أحببتم من يحبكم فأي أجر لكم؟ أليس العشارون يفعلون كذلك؟! وإن سلمتم على إخوتكم فقط فأي فضل لكم؟ أليس كذلك يفعل الوثنيون؟! كونوا كاملين مثل أبيكم السماوي فهو كامل " آخر الإصحاح الخامس من إنجيل متى (5).
وقوله أيضا: " فليضئ نوركم قدام الناس ليروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات " إنجيل متى - الإصحاح الخامس.
وقوله أيضا: " لا تصنعوا جميع مراحمكم قدام الناس كي يروكم، فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماوات ".
وقوله أيضا في الصلاة: " وهكذا تصلون أنتم، يا أبانا الذي في السماوات يتقدس اسمك... إلخ ".
وقوله أيضا: " فإن غفرتم للناس خطاياهم غفر لكم أبوكم السمايي خطاياكم " كل ذلك في الإصحاح السادس من إنجيل متى.
وقوله: " وكونوا رحماء مثل أبيكم الرحيم " إنجيل لوقا - الإصحاح السادس.
وقوله لمريم المجدلية: " امضي إلى إخوتي وقولي لهم: إني صاعد إلى أبي الذي هو