جميع الشروط التي ليست في كتاب الله فلا حاجة إلى تقييدها قوله: واشترطي لهم الولاء بالمائة، فإنها لو زاد عليها كان الحكم كذلك قوله واشترطي لهم الولاء استشكل صدور الإذن منه صلى الله عليه وآله وسلم فاسد في البيع، واختلف العلماء في ذلك، فمنهم من أنكر الشرط في الحديث، فروى الخطابي في المعالم بسنده إلى يحيى بن أكثم أنه أنكر ذلك، وعن الشافعي في الام الإشارة إلى تضعيف هذه الرواية التي فيها الاذن بالاشتراط لكونه انفرد بها هشام بن عروة دون أصحاب أبيه، وأشار غيره إلى أنه روي بالمعنى الذي وقع له وليس كما ظن، وأثبت الرواية آخرون وقالوا: هشام ثقة حافظ، والحديث متفق على صحته فلا وجه لرده، ثم اختلفوا في توجيه ذلك فقال الطحاوي: إن اللام في قوله: لهم بمعنى على كقوله تعالى: * (وإن أسأتم فلها) * (سورة الإسراء، الآية: 7) وقد أسند هذا البيهقي في المعرفة عن الشافعي، وجزم به الخطابي عنه وهو مشهور عن المزني. وقال النووي:
إن هذا تأويل ضعيف، وكذلك قال ابن دقيق العيد، وقال آخرون: الامر في قوله:
اشترطي للإباحة أي اشترطي لهم أولا فإن ذلك لا ينفعهم، ويقوي هذا قوله:
ويشترطوا ما شاؤوا وقيل: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد كان أعلم الناس أن اشتراط الولاء باطل، واشتهر ذلك بحيث لا يخفى على أهل بريرة، فلما أرادوا أن يشترطوا ما تقدم لهم العلم ببطلانه أطلق الامر مريدا به التهديد كقوله تعالى: * (اعملوا ما شئتم) * (سورة فصلت، الآية: 40) فكأنه قال: اشترطي لهم الولاء فسيعلمون أن ذلك لا ينفعهم، ويؤيد هذا ما قاله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك: ما بال رجال يشترطون شروطا الخ، فوبخهم بهذا القول مشيرا إلى أنه قد تقدم منه بيان، إبطاله، إذ لو لم يتقدم منه ذلك لبدأ ببيان الحكم لا بالتوبيخ بعدم المقتضى له، إذ هم يتمسكون بالبراءة الأصلية، وقال الشافعي: إنه أذن في ذلك لقصد أن يعطل عليهم شروطهم ليرتدعوا عن ذلك ويرتدع به غيرهم، وكان ذلك من باب الأدب، وقيل معنى اشترطي اتركي مخالفتهم فيما يشترطونه ولا تظهري، نزاعهم فيما دعوا إليه مراعاة لتنجيز العتق لتشوف الشرع إليه. وقال النووي: أقوى الأجوبة أن هذا الحكم خاص بعائشة في هذه القصة، وأن سببه المبالغة في الزجر عن هذا الشرط لمخالفته حكم الشرع، وهو كفسخ الحج إلى العمرة كان خاصا بتلك الحجة مبالغة في إزالة ما كانوا عليه من منع العمرة في أشهر الحج، ويستفاد منه ارتكاب أخف المفسدتين إذا استلزم إزالة أشدهما، وتعقب بأنه استدلال بمختلف فيه على مختلف فيه، وتعقبه ابن دقيق العيد