وجواز تأجيل البائع بالثمن إلى أن يأتي إلى منزله. قوله: فطفق بكسر الفاء على اللغة المشهورة، وبفتحها على اللغة القليلة. قوله: بالفرس الباء زائدة في المفعول لان المساومة تتعدى بنفسها، تقول: سمت الشئ. قوله: لا يشعرون الخ، أي لم يقع من الصحابة السوم المنهي عنه بعد استقرار البيع، والنهي إنما يتعلق بمن علم لأن العلم شرط التكليف. قوله: لا والله ما بعتك قيل: إنما أنكر هذا الصحابي البيع وحلف على ذلك، لأن بعض المنافقين كان حاضرا، فأمره بذلك وأعلمه أن البيع لم يقع صحيحا وأنه لا إثم عليه في الحلف على أنه ما باعه، فاعتقد صحة كلامه لأنه لم يظهر له نفاقه، ولو علمه لما اغتر به، وهذا وإن كان هو اللائق بحال من كان صحابيا، ولكن لا مانع من أن يقع مثل ذلك من الذين لم يدخل حب الايمان في قلوبهم، وغير مستنكر أن يوجد في ذلك الزمان من يؤثر العاجلة، فإنه قد كان بهذه المثابة جماعة منهم كما قال تعالى: * (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) * (سورة آل عمران، الآية: 152) والله يغفر لنا ولهم. قوله: هلم هلم بضم اللام وبناء الآخر على الفتح لأنه اسم فعل، وشهيدا منصوب به، وهو فعيل بمعنى فاعل أي هلم شاهدا، زاد النسائي فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قد ابتعته منك، فطفق الناس يلوذون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والأعرابي وهما يتراجعان، وطفق الاعرابي يقول: هلم شاهدا أني قد بعتكه. قوله: بم تشهد أي بأي شئ تشهد على ذلك ولم تك حاضرا عند وقوعه. وفي رواية للطبراني: بم تشهد ولم تكن حاضرا؟. (والحديث) استدل به المصنف على جواز البيع بغير إشهاد. قال الشافعي: لو كان الاشهاد حتما لم يتبايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعني الاعرابي من غير حضور شهادة، ومراده أن الامر في قوله تعالى: * (وأشهدوا إذا تبايعتم) * (سورة البقرة، الآية: 282) ليس على الوجوب بل هو على الندب، لأن فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرينة صارفة للامر من الوجوب إلى الندب. وقيل: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: * (فإن أمن بعضكم بعضا) * (سورة البقرة، الآية: 283) وقيل: محكمة والامر على الوجوب، قال ذلك أبو موسى الأشعري وابن عمرو الضحاك وابن المسيب وجابر بن زيد ومجاهد وعطاء والشعبي والنخعي وداود بن علي وابنه أبو بكر والطبري، قال الضحاك: هي عزيمة من الله ولو على باقة بقل قال الطبري:
لا يحل لمسلم إذا باع أو اشترى أن يترك الاشهاد وإلا كان مخالفا لكتاب الله. قال ابن العربي: وقول العلماء كافة أنه على الندب وهو الظاهر، وقد ترجم أبو داود على