أسرع، قال ابن عبد البر: في هذا الحديث كيفية السير في الدفع من عرفة إلى مزدلفة لأجل الاستعجال للصلاة، لأن المغرب لا تصلى إلا مع العشاء بالمزدلفة، فيجمع بين المصلحتين من الوقار والسكينة عند الزحمة، ومن الاسراع عند عدم الزحام. قوله: وهو كاف ناقته الخ، هذا محمول على حال الزحام دون غيره بدليل حديث أسامة المتقدم.
وكذلك يحمل حديث ابن عباس عن أسامة عند أبي داود وغيره: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أردفه حين أفاض من عرفة وقال: أيها الناس عليكم بالسكينة إن البر ليس بالايجاف، قال: فما رأيت ناقته رافعة يدها حتى أتى جمعا وقد حمله على مثل ما ذكر ابن خزيمة. قوله: الخذف بخاء معجمة مفتوحة وذال معجمة ساكنة ثم فاء. قال العلماء: حصى الخذف كقدر حبة الباقلا. قوله: فصلى بها المغرب والعشاء استدل به على جمع التأخير بمزدلفة. قال في الفتح: وهو إجماع لكنه عند الشافعية وطائفة بسبب السفر انتهى. وقد قدمنا الجواب عن هذا. قوله: ولم يسبح بينهما أي لم يتنفل، وقد نقل ابن المنذر الاجماع على ترك التطوع بين الصلاتين بالمزدلفة قال:
لأنهم اتفقوا على أن السنة الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، ومن تنفل بينهما لم يصح أنه جمع انتهى. ويشكل على ذلك ما في البخاري عن ابن مسعود أنه صلى بعد المغرب ركعتين ثم دعا بعشائه فتعشى ثم صلى العشاء. قوله: القصوا قد تقدم ضبطها. قوله: فاستقبل القبلة الخ، فيه استحباب استقبال القبلة بالمشعر الحرام والدعاء والتكبير والتهليل والتوحيد والوقوف به إلى الاسفار والدفع منه قبل طلوع الشمس، وقد ذهب جماعة من أهل العلم منهم مجاهد وقتادة والزهري والنووي إلى أن من لم يقف بالمشعر فقد ضيع نسكا وعليه دم، وهو قول أبي حنيفة وأحمد وإسحاق وأبي ثور، وروي عن عطاء والأوزاعي أنه لا دم عليه، وإنما هو منزل من شاء نزل به ومن شاء لم ينزل به. وذهب ابن بنت الشافعي وابن خزيمة إلى أن الوقوف به ركن لا يتم الحج إلا به، وأشار ابن المنذر إلى ترجيحه، وروي عن علقمة والنخعي، واحتج الطحاوي بأن الله عز وجل لم يذكر الوقوف وإنما قال: * (فاذكروا الله عند المشعر الحرام) * (سورة البقرة، الآية: 198) وقد أجمعوا على أن من وقف بها بغير ذكر أن حجه تام، فإذا كان الذكر المذكور في القرآن ليس من تمام الحج فالموطن الذي يكون فيه الذكر أحرى أن لا يكون فرضا. قوله: حتى أسفر جدا بكسر الجيم