المتقدم الذي رواه حذيفة بن منصور: أن الإتمام مختص بالمسجد الحرام، ومسجد الكوفة. فإذا خرج الإنسان منهما فلا تمام، لأنه لا يمنع أن يكون في هذين الخبرين قد خصا بالذكر تعظيما لهما، ثم ذكر في الأخبار الأخر ألفاظ يكون هذان المسجدان داخلين فيه وإن كان غيرهما داخلا فيه، وهذا غير مستبعد ولا متناف.
وقد قدمنا من الأخبار ما يتضمن عموم الأماكن التي من جملتها هذان المسجدان منها: حديث حماد بن عيسى، عن الصادق - عليه السلام - أنه قال:
في حرم رسول الله - صلى الله عليه وآله - وحرم أمير المؤمنين - عليه السلام -، وبعده حديث زياد القندي فإنه قال: أتم الصلاة في الحرمين، وبالكوفة، ولم يقل مسجد الكوفة. وما تقدم من الأخبار في تضمن ذكر الحرمين على الإطلاق فهي أكثر من أن تحصى، وإذا ثبت أن الإتمام في حرم رسول الله صلى الله عليه وآله - هو المستحب دون المسجد على الاختصاص، وإن كان قد خص في هذين الخبرين، فكذلك في مسجد الكوفة، لأن أحدا لم يفرق بين الموضعين (1)، وكذا قال في الإستبصار (2).
وقال ابن إدريس: يستحب الإتمام في أربعة مواطن في السفر: في نفس مسجد الحرام، وفي نفس مسجد المدينة، ومسجد الكوفة، والحائر. والمراد بالحائر ما دار سور المشهد، والمسجد عليه دون ما دار سور البلد عليه، لأن ذلك هو الحائر حقيقة، لأن الحائر في لسان العرب: الموضع المطمئن الذي يحار فيه الماء ولا يجوز الإتمام إلا في نفس المسجدين دون مكة والمدينة، وهو الأقرب.