وما يفضله إلا سلامته * من النقائص والأوهام والغير لو ناله أحد من حيث نشأته * لنا له أهل جود الله بالفكر لولا مباشرة الخلاق صورته * لم يدر خلق من الأملاك ما خبري عنت لنا أوجه الأملاك ساجدة * لما حوينا من الأرواح والصور لذا تقلبنا أحواله أبدا * في نفع إن كان ذاك الأمر أو ضرر يدعى صاحبها عبد الباطن قال تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن فالبطون يختص بنا كما يختص به الظهور وإن كان له البطون فليس هو باطن لنفسه ولا عن نفسه كما أنه ليس ظاهرا لنا فالبطون الذي وصف نفسه به إنما هو في حقنا فلا يزال باطنا عن إدراكنا إياه حسا ومعنى فإنه ليس كمثله شئ ولا ندرك إلا الأمثال التي نهينا أن نضر بها لله لجهلنا بالنسب التي بها هي أمثال ولما كانت البطون محال التكوين والولادة وعنها ظهرت أعيان المولدات اتصف الحق بالباطن يقول إنه من كونه باطنا ظهر العالم عنه فنحن كنا مبطونين فيه فخذ ذلك عقلا لا وهما فإنك إن أخذته عقلا قبله العلم الصحيح وإن أخذته خيالا وهما رد عليك قوله لم يلد ولا ينبغي للعاقل أن يشرع في أمر يمكن أن يرد عليه مثل هذا وإذا أخذته عقلا دون تخيل وقعت على عين الأمر فإنه لا بد لنا من مستند نستند إليه في وجودنا لما أعطاه إمكاننا من وجود المرجح الذي رجح وجودنا على عدمنا إلا أنه باطن عنا لعدم المناسبة بيننا إذ نحن بعيننا وجملتنا وتفصيلنا محكوم علينا بالإمكان فلو ناسبنا في أمر ما وذلك الأمر محكوم عليه بالإمكان لكان الحق محكوما عليه بالإمكان وهو واجب لنفسه من حيث نفسه فارتفعت المناسبة وإذا لم يناسبنا لم نناسبه فلنا الاستناد إليه لعدم المناسبة ومن وجه للمناسبة وله تعالى الغي عن العالم لأن محبته أن يعرف هي أنه لا يعرف فهذا حد معرفتنا به إذ لو عرف لم يبطن وهو الباطن الذي لا يظهر كما أنه أيضا في المأخذ الثاني أنه الباطن حيث هو في قلب عبده المؤمن الذي وسعه فهو باطن في العبد والعبد لا يشاهد باطنه فلا يشاهد ما هو مبطون فيه فمن الوجهين ما نراه ثم إنه إذا كان كما قال قوى العبد وسمعه وبصره والعبد يرى ببصره فيرى بربه ما يرى بصره ولا يرى شيئا من قواه والحق جميع قواه فما يرى ربه وبهذا يفرق بين العلم والرؤية فإنا نعلم بالإيمان ونوره في قلوبنا إنه قوانا ولا نشهد ذلك بصرا فنحن ندركه لا ندركه والأبصار لا تدركه فإذا كان بصرنا فإنه في هذه الحالة لا يدرك نفسه لأنه في حجابنا إذ كان بصرنا وإذا كان الأمر على هذا فبعيد أن ندركه وأما قوله لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار فإن البصر إنما جاء ليدرك به لا أنه يدرك ثم إنه في قوله لا تدركه بضمير الغائب فالغيب غير مدرك بالبصر والشهود وهو الباطن فإنه لو أدرك لم يكن غيبا ولا بطن ولكن يدرك الأبصار فإنه لا يلزم الغيبة من الطرفين ما يلزم من هو غائب عنك أن تكون غائبا عنه قد يكون ذلك وقد لا يكون وفي مدلول هذه الآية أمر آخر وهو أنه يدرك تعالى نفسه بنفسه لأنه إذا كان بهويته بصر العبد ولا يقع الإدراك البصري إلا بالبصر وهو عين البصر المضاف إلى العباد وقال إنه يدرك الأبصار وهو عين الأبصار فقد أدرك نفسه ولهذا قلنا إنه يظهر أو هو ظاهر لنفسه ولا يبطن عن نفسه ثم تمم الآية وقال وهو اللطيف من حيث إنه لا تدركه الأبصار واللطيف المعنى من حيث إنه يدرك الأبصار أي دركه للأبصار دركه لنفسه لأنه عينها وهذا غاية اللطف والرقة الخبير يشير إلى علم الذوق أي لا يعرف هذا إلا بالذوق لا ينفع فيه إقامة الدليل عليه إلا أن يكون الدليل عليه في نفس الدال وليس سوى ذوقه فيرى هذا العبد الذي بصره الحق نفسه بالحق ويرى الحق ببصره لأنه عين بصره فأدرك الأمرين فكل من فيه بطن * فإنه فيه قطن * وليس يدري قولنا * إلا شهيدا وفطن يرى الذي رأيته * بقلبه رؤية ظن فإنه هو الذي * يراك من عين الجنن * وأنت لا تبصره * إلا إذا لم تكن وهي الإشارة بقوله ص في الحديث الصحيح من كتاب مسلم فإن لم تكن تراه فإنه يراك
(٣٠١)