وليس يخفى عليه من مراقبة * شئ وإن جل ذاك الأمر أوهانا يدعى صاحبها عبد الرقيب وليس في الحضرات من يعطي التنبيه على إن الحق معنا بذاته في قوله وهو معكم أينما كنتم إلا هذا الاسم الرقيب وهذه الحضرة لأنه على الحقيقة من الرقبى والرقبى إن تملك رقبة الشئ بخلاف العمري فإذا ملكت رقبة الشئ تبعته صفاته كلها وما ينسب إليه بخلاف الصفة لأنك إذا ملكت صفة ما لا يلزم أن تملك جميع الصفات وإذا ملكت الموصوف فبالضرورة تملك جميع الصفات لأنها لا تقوم بأنفسها وإنما تطلب الموصوف ولا تجده إلا عندك فتملكها عند ذلك فهي كالحبالة للصائد فأما ملكه إياك فمعلوم بما تعطيه حقيقتك وأما ملكك إياه فبقوله فأينما تولوا فثم وجه الله ووجه الشئ ذاته وحقيقته والرقيب اسم فاعل على كل شئ وهو المرقب عليه فإنه المشهود لكل شئ فيرقب العبد في جميع حركاته وسكناته ويرقبه العبد في جميع آثاره في قلبه وخواطره وحركاته وحركات ما خرج عنه من العالم فلا يزال صاحب هذه الحضرة في مزيد علم إلهي أبدا علم ذات ينجر معه علم صفات ونعوت وأسماء ونسب وأحكام ولا بد لهذا الاسم من حكم الإحاطة حتى يصح شمول المراقبة ولما كانت المراقبة تقتضي الاستفادة والحفظ حذرا من الوقائع فالعلم قوله حتى نعلم فإذا ابتلاه راقبه حتى يرى ما يفعل فيما ابتلاه به لأنه ما ابتلاه ابتداء وإنما ابتلاه لدعواه لأنه قال لهم ألست بربكم فقالوا بلي فادعوا فابتلاهم ليرى صدق دعواهم ولقد رحم الله عباده حين أشهدهم على أنفسهم بما قبضهم وقررهم عليه من كونه ربهم وما أشهد هم على توحيده ويصدق المقر بالملك لمن له فيه شقص فجعل لهم الانفساح من أجل ما علم من يشرك من عباده الشرك المحمود والمذموم فغير المذموم شرك الأسباب فإن القائلين بها أكثر العباد مع كونهم لا يعتقدون فيها إلا أنها موضوعة من عند الله والمذموم من الشرك أن يجعل المشرك مع الله إلها آخر من واحد فما زاد ولذلك قال من قال من المشركين أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب فقوله إن هذا لشئ عجاب عندنا هو قول الله وقوله أجعل الآلهة إلها واحدا حكاية الله لنا عن المشرك أنه قال هكذا إما لفظا وإما معنى فقال الله عند قولهم ذلك إن هذا لشئ عجاب حيث جعلوا الإله الواحد آلهة وخصوص وصفة إنه إله وبه يتميز فلا يتكثر بما به يتميز ويشهد لهذا النظر قولهم فيما حكى الله عنهم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فعصم الله هذا الاسم الله أن يقع فيه اشتراك فهم يعلمون أنهم نصبوهم آلهة ولهذا وقع الذم عليهم بقوله أتعبدون ما تنحتون والإله من له الخلق والأمر من قبل ومن بعد وأما لطفه بهم في هذا الإشهاد فهو القبض والقبض يقتضي القهر فما أقروا به إلا مع القهر فالمشرك منهم أقر على كره فلما تخيلوا أنهم قد خرجوا من القبضة لجهلهم بما هو الأمر عليه قالوا بالشركة فإذا قيل لهم في ذلك احتجوا بما كانوا عليه من القبض فيعذرون في دعواهم أنهم ما أدعو ذلك إلا جبرا لا اختيارا والحكم في الأشياء للأحوال فمن راقب أحواله علم من أين صدر فلا يخلو هذا المراقب إما أن يكون ميزان الشريعة بيده فإنه يرى بعين إيمانه إن كان من أهل الايمان أو بعين شهوده إن كان من أهل الشهود ومن لم يكن له إحدى هذين العينين فهو أعمى فيرى الحق والميزان بيده يخفض ويرفع فيقتدي بربه ويتأسى وما عنده إلا ميزان ما شرع له لا يلتفت مع الايمان إلى ميزان عقله فيزن ما يرد عليه من الأحوال من جانب ربه فيخفض ويرفع ويزيد في الناقص وينقص من الزائد فيأخذ من عباده بالعدل ويعطي بالفضل فلا يزال ما دام هذا الميزان بيده معصوما في مراقبته ويصح عنده إنه عند الاسم الرقيب لأنه قد تحقق بنعته بسيده فأسعد العبيد من يراقب سيده مراقبة سيده إياه فيراقب الحق مراقبة عبده لمن يراقب فيكون معه بحيث يرى منه ومن ملك المراقبة كان له التصريف كيف شاء في المراقب فإن الله مع عبده حيث كان هكذا الأمر فاعتبر * واحفظ السر وازدجر * إنما الأمر مثل ما * قلته فيه فافتكر.
فالعبد وإن كان مقيدا بالشرع فإن الشرع قد جعله مسرح العين في تصرفه ويحمده الميزان ويذمه والمراقب معه أينما كان من محمود ومذموم فإذا كان العبد هو المراقب ولا يرى الحق مجردا عن الخلق تجريد تنزيه وتقديس أبدا لأنه لا تصح هناك مراقبة فلا بد أن يراه في الخلق في حضرة الأفعال فيكون المراقب وهو العبد حيث كان الحق من