مصل إذا كان فذا أو إماما يقول سمع الله لمن حمده هذا محل الإجماع وما كل قائل هذا يعلم أن الله هو القائل إلا إذا سمع هذا الخبر فهذا هو المحجوب وأما أهل الكشف والوجود فما يحتاجون إلى خبر بل يعلمون من هو السامع والقائل فهم غرقى في بحره لا يرجون موتا ولا حياة ولا نشورا إني أكابد اللجج * حتى أفوز بالثبج * وإنما العلم به * في موج هذه اللجج والسيف لا أرى له * عينا فدع عنك الحجج * يا حضرة قد تلفت * فيها النفوس والمهج إن الفتى كل الفتى * الأبيض في عين السبج * وما عليه في الذي * يلقاه فيه من حرج من كل ما يكرهه * من قد نجا وما خرج * وما نجا منه سوى * من مات فيه فدرج وكل ما تحذره * من ذات دل ودعج * فلا تخف فإنها * نفسك في ثاني درج وقد كثر الله في خطابه من قوله ولا تحسبن ولا يحسبن وعدد أمورا كثيرة هي مذكورة في القرآن يطول إيرادها وما منها آية فيها ولا تحسبن أو يحسب إلا وفيها قوة الاكتفاء لمن فهم وما يعقلها إلا العالمون من هذه الحضرة يحسب على المتنفس أنفاسه لأنها أنفاس معدودة محصاة عليه إلى أجل مسمى فلا بد أن يكون كما قلنا ولكن لا بما هي أنفاس وإنما بما تجري فيه إلى أمد معين وتلك حضرة بين العلم والجهل فهي حضرة التخمين والحدس والظن الذي لم يبلغ مبلغ العلم ولهذا جاء وحسبوا أن لا تكون فتنة وكانت الفتنة فما كان ما حسبوا وقال في طائفة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وما أحسنوا صنعا فهي شبهات في صور أدلة تظهر وليست أدلة في نفس الأمر فالكيس من يقف عندها ولا يحكم فيها بشئ فإن لها شبها بالطرفين ومن هذه الحضرة نزلت الآيات المتشابهات التي نهينا عن الخوض فيها ونسبنا إلى الزيغ في اتباعها فإن الزيغ ميل إلى أحد الشبهين وإذا أولت إلى أحد الشبهين فقد صيرتها محكمة وهي متشابهات فعدلت بها عن حقيقتها وكل من عدل بشئ عن حقيقته فما أعطاه حقه كما أعطاه الله خلقه والإنسان مأمور بأن يوفي كل ذي حق حقه ومن هذه الحضرة ظهرت الأعداد في أعيان المعدودات فلما تركب العدد في المعدود تخيل منه ما ليس له حكم في وجود عيني فهذه الحضرة أعطت كثرة الأسماء لله وهي كلها أسماء حسني تتضمن المجد والشرف بل هي نص في المجد والشرف فلهذا قيل فيه إنه تعالى حسيب والحسيب ذو الحسب الكريم والنسب الشريف ولا نسب أتم ولا أكمل في الشرف من شرف الشئ بذاته لذاته ولهذا لما قيل لمحمد ص انسب لنا ربك ما نسب الحق نفسه فيما أوحى إليه به إلا لنفسه وتبرأ أن يكون له نسب من غيره فأنزل عليه سورة الإخلاص قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فعدد ومجد فكانت له عواقب الثناء بماله من التحميد ثم أبان أن له الأسماء الحسنى وعين لنا منها ما شاء وأمرنا أن ندعوه بها مع أن له أسماء كل شئ في العالم فكل اسم في العالم فهو حسن بهذه النسبة ومن هنا قالوا أفعال الله كلها حسنة ولا فاعل إلا الله هكذا حكم الأسماء التي تسمى بها العالم كله ولا سيما إن قلنا بقول من يقول إن الاسم هو المسمى وقد بينا أنه ما ثم وجود إلا الله وكذلك لو قلنا إن الاسم ليس المسمى لكان مدلول الاسم وجود الحق أيضا فعلى كل وجه ليس إلا الحق فما ثم وضيع فالكل ذو حسب صميم ومجد وشرف عميم وإنما الحسبان الذي رمى الله به روضة أحد الرجلين من السماء فأصبحت صعيدا زلقا وأصبح ماؤها غورا فكونها أصبحت صعيدا زلقا أورثها الشرف وبما نعتها به من الزلق أورثها التنزيه والرفعة في الدرجة بما جعلها صعيد أو أزال عنها أنواع المخالفة بما أزال عنها من الشجر فإن الحسبان كان من السماء فأعطى مرتبة السمو لمن كان موصوفا بالأرض وهي الساترة من فيها ولهذا سميت جنة فما أبرز ما برز منها إلا جود السماء وهو المطر وجودها بحرارة الشمس فمن السماء ظهرت زينتها فالسماء كستها بحسبانها والسماء جردتها من زينتها بحسبانها فمن زينتها كثرت أسماؤها بما فيها من صنوف الثمر والأشجار والأزاهر ومن تجريدها وتنزيهها توحد اسمها وذهبت أسماؤها لذهاب زينها إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها وليس الأرض في الاعتبار سوى المسمى خلقا وليس زينتها سوى المسمى حقا فبالحق تزينت وبالحق تنزهت وتجردت عن ملابس العدد وظهرت بصفة الأحد وهذا كله من هذه الحضرة حضرة الاكتفاء وهو الاسم الإلهي الحسيب
(٢٥٠)