فاخ بالشرع فثبته * لأخ بالكشف من أبويه قال الله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا فلو كان واحد ما ضاقت عليه الأرض لأن الضيق إنما يقع بالشريك ولهذا لا يغفر الله أن يشرك به فإنه يخرج عنه ما هو له ولذلك أغضب المشرك الحق غضبا أورثه ذلك الغضب مكانا ضيقا لما في الغضب من الضيق فحصل له مع أمثاله من المشركين كونهم مقرنين في الأصفاد فليس اتساع الأرض إلا لمن انفرد بها فلما انقسمت بين ثلاثة قسمة مشاعة ضاق الفضاء الرحب ولولا وجود الفردية في الثلاثة لهلكوا فما نجاهم إلا ما في الثلاثة من الأحدية الواردة على الاثنين وأما لو كانوا أربعة أو اثنين ما نجوا ولا تاب الله عليهم فإن الله وتر يحب الوتر والثلاثة وتر فأبقى عليهم من المحبة ما تاب بها عليهم وإذا رحم الله الشفع إنما يرحمه بآحاده فيخلو به واحدا واحدا على انفراده حتى لا ينال رحمته إلا الواحد فما يرحم الله عباده شفعا وإنما يرحمهم إما في الفردية أو في الأحدية غير ذلك لا يكون وبعد ذلك يفعل ما يريد وإنما وقع الكلام على الواقع فما تكثر الأعداد ولا تظهر إلا بآحادها فلو زالت الآحاد منها لما كان في العالم شفع ولا عدد ولهذا لم يتكرر تجل قط على شخص ولا في شخصين فلولا ما قال ثلاثة ما صح لهم ذوق الضيق في الاتساع لما في الثلاثة من الشفعية ولما صح لهم ذوق الاتساع بالرحمة بالتوبة لما في الثلاثة من الأحدية التي بها كانت فردا وهي أول الأفراد فلها الأولية فهي أقرب إلى الأحدية فأسرعت الرحمة إليهم فلو كانوا خمسة لكانوا أبعد من الأحدية وأكثر ضيقا لتضاعف الشفعية وهكذا الأمر طلعت الأفراد ما طلعت وهو الذي ينفي كثرة المدة في النار في العذاب لأهلها حتى يقطعوا كل شفع يكون في فرديتهم انتهوا إلى ما انتهوا إليه فغاية إقامتهم في العذاب ثمانية وتسعون دهرا ثم يتولاهم الاسم الرحمن بعد ذلك وهم بازلون في الشقاء من ثمانية وتسعين إلى اثنين بعدد كل شفع بينها وفي كل فردية رحمة تكون لمن له حظ فيها في هذه الدار فيفتر عنه بقدر ذلك وأما أهل الشفع فلا يفتر عنهم العذاب وهم فيه مبلسون إلى الغاية التي ذكر الله من شفعية وهي الثمانية والتسعون فالوتر الذي يكون بعد الشفع هو الذي يأخذ بثار الوتر الذي قبله إذ شفعه من ظهر بين الوترين كالثالث بين الاثنين والرابع فيأخذ بثار الواحد الذي شفعته الاثنان وكالخامس بين الأربعة والستة يأخذ بثار الثالث الذي شفعته الأربعة لينتقم له فإن الوتر في اللسان الذي جاءت به هذه الشريعة المحمدية هو طلب الثار وهكذا حكم كل فرد حتى تنتهي إلى تسعة وتسعين فإذا وقف الأمر هناك وانحصر في الاسم الرحمن تولاه الله بالاسم الأعظم لأن به تمام المائة فعم درجات الجنة ودركات النار ولم يتوله الاسم الأعظم المتمم إلا من الاسم الرحمن فهو حاجب الحجاب فليس له منازع بين يدي الاسم الأعظم فيؤول الأمر إلى شمول الرحمة في الدارين لساكنيهما وما قال من المشركين ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إلا من كان في مقام الفردية منهم فإذا قالها صاحب الشفعية فإنما ذلك لحصره بين الواحد الذي شفعه بوجود معبوده والواحد الذي يفرد هذا الشفع في استقباله فمن أي وجهة رد إليها وجهه هذا الشفع لم ير إلا واحدا فنظر إلى نفسه فلم ير إلا أحديته فقال عند ذلك ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فصدرت هذه الكلمة من كل مشرك شفعا كان أو وترا للشريك الذي نصبه وأما من قال إن الله هو المسيح أو قال ما علمت لكم من إله غيري فليس في الظاهر بمشرك وإنما دخل عليه الشرك بالاسم ولذلك قال الله لنبيه ع قل سموهم فإنهم إذا سموهم عرفوا بالاسم من هو المسمى فقال هؤلاء إن الله هو المسيح وليس المسيح من أسمائه إذ كان له هذا الاسم قبل أن يدعي فيه أنه الله فأشركوا من حيث الاسم وأشرك فرعون من حيث خالف عقده قوله فبهذا كانوا مشركين ثم ينتج له هذا الذكر أمرا عجيبا على الأوج مخبوءا في الدرج مرقوما في طي الدرج إذ سماهم الله مخلفين فإن كل مفارق أهله فالله خليفته في ذلك الأهل سواء استخلفه أم لم يستخلفه فكل من يقوم في أهله بعده فإنما ذلك نائب الله لا نائبه فهؤلاء الثلاثة الذين خلفوا ما خلفهم الاسم الظاهر فإن الشرع دعاهم إلى الخروج ولكن الله ثبطهم فمنهم من كره الله انبعاثه فثبطهم ومنهم من ثبطه لا عن كره فقاموا في أهليهم مقام حق فجعلهم الله خلفا في أهليهم عنه من الاسم الباطن على كره منهم فكان من أمرهم ما كان فتاب الله عليهم فتفاضلت توبتهم فكان منهم الكاذب في عذره فقبله منهم الكرم الإلهي وكان منهم الصادق وهو في
(١٥٨)