وأما الإيجادي في باب العقود - كالملكية مثلا - فهو أمر متقرر في حد نفسه، وله وعاء غير وعاء الاستعمال، فإنه موجود في عالم الاعتبار، وليس بمغفول عنه، وتمام الكلام موكول إلى بحث الحروف (1).
الثالثة: لا شبهة في أن البيع بل كل عنوان من عناوين العقود والإيقاعات عنوان بسيط ليس مركبا من الجنس والفصل، فإذا كان بسيطا فلا يمكن إيجاد هذا المعنى تدريجا، بل إما أن يتحقق آنا، أو لا يتحقق أصلا، بل المركب من الجنس والفصل أيضا لا يمكن أن يوجد تدريجا، فإن تحصل الجنس إنما هو بالفصل، وتحقق الهيولي إنما هو بالصورة فلا يعقل أن يوجد المادة أولا ثم الصورة، فإذا كان هذا حال المركب الخارجي فكيف بما هو بسيط وما به امتيازه عين ما به اشتراكه؟ فإن السواد الشديد بعين ما هو لون يكون سوادا، وبعين ما هو سواد يكون شديدا، وهكذا التمليك البيعي والقرضي ونحوهما من الهبة والإجارة يكون التمليك في كل منها بعين كونه بيعا أو قرضا أو نحوهما، أي لا يكون التمليك في البيع جنسا وبيعيته فصلا، بل هو بيع بعين كونه تمليكا، بل لا شبهة أن التمليك ليس شيئا والبيع شيئا آخر، وإن قلنا بأن كل واحد من هذه الأمور الأربعة مباين في السنخ مع الآخر.
مضافا إلى أن التمليك في جميع هذه الأمور أمر واحد، وإنما الاختلاف بينها كالاختلاف بين أفراد البيع.
وعلى أي حال، المعنى المنشأ بلفظ (بعت) أمر بسيط ليس مركبا من الجنس والفصل، ولا يمكن أن يوجد تدريجا كتدريجية الباء والعين والتاء.
إذا عرفت ذلك فيقع البحث تارة في صحة إنشاء العناوين بالكنايات، وأخرى بالمجازات، وثالثة بالمشترك اللفظي، ورابعة بالمشترك المعنوي.
أما صحته بالكناية فلو قيل: إنها قسم من المجاز - كما عرفها بعضهم: (2) من