أنها ذكر اللازم وإرادة الملزوم - فحكمها حكمه. ولو قيل (1): إنها قسيم للمجاز - كما هو الحق - فإن قوله: زيد طويل النجاد استعمل في نفس معناه الحقيقي وألقي معنى اللفظ إلى المخاطب لينتقل منه إلى ملزومه وهو طول القامة، وهكذا في أمثال ذلك من قوله: زيد كثير الرماد، أو مهزول الفصيل، فإن الانتقال إلى الجود من دواعي استعمال هذه الألفاظ في معانيها الموضوعة لها، لا أنها استعملت في الجود، فالأقوى عدم صحة إنشاء العنوان بها، فإن إنشاء اللازم وإيجاده في الإنشاء القولي ليس إيجادا للملزوم عرفا، وكون الملزوم مقصودا وداعيا من إيجاد اللازم لا أثر له. بعد ما عرفت في المقدمة الثانية أن الأغراض والدواعي لا أثر لها في باب العقود والإيقاعات فلو قال كناية عن البيع: (ترى خيره) أو في مقام النكاح: (ألف الله بين قلبيكما) وأمثال ذلك فلا أثر له.
وبالجملة: ما لم ينشأ عنوان العقد بما هو آلة لإيجاده عرفا فلا أثر له، ولا يرى العرف آلة إيجاد اللازم آلة لإيجاد الملزوم.
ثم لو قيل: بأن الملزوم وإن لم ينشأ أصالة إلا أنه منشأ تبعا وفي المرتبة الثانية من الإيجاد، ولا وجه للاقتصار على المنشأ الأول بعد إطلاق أدلة العناوين فيقال: الإيجاد بهذا النحو في كمال الضعف من الوجود فينصرف الاطلاق عنه، ولا يشمله العمومات أيضا، لخروجه عن الأسباب المتعارفة، ومع الشك في دخوله تحت العموم والاطلاق فالأصل عدم ترتب الأثر عليه (2).
وأما صحته بالمجاز فإن كان مجازا مشهورا فالأقوى كفايته دون ما لم يكن كذلك، وذلك لأن الشهرة توجب أن لا يحمل اللفظ على معناه الحقيقي أو المجازي إلا بانضمام قرينة معينة لأحدهما، فعدم حمله على معناه الحقيقي بمجرد التلفظ