بعد ما نقل قدس سره الأقوال التي هي بين إفراط وتفريط وبين الإشكال في إنشاء العناوين بالمشترك اللفظي والمعنوي والمجاز إذا كانت قرائنها غير اللفظ شرع في بيان الصغرى وتعيين أن الشراء والاشتراء والبيع ونحو ذلك هل هو من المشترك اللفظي بين الإيجاب والقبول، أو من الحقيقة والمجاز، أو من المشترك المعنوي؟
والظاهر أن لفظ (شريت) مشترك لفظي وإن لم يستعمل في القرآن الكريم إلا في معنى البيع، واشتريت بعكس ذلك، كما هو معنى باب الافتعال، ومجيئه بمعنى (شريت) كاكتسبت بمعنى (كسبت) على خلاف ما وضع له، أو ما هو الظاهر.
وعلى أي حال، قياسه قدس سره الهبة المعوضة بالصلح وابتناء صحة إنشائهما بلفظ (ملكت) على صحة عقد بلفظ غيره مع النية قياس مع الفارق، لأن الهبة مطلقا من أفراد التمليك، لما عرفت: أن التمليك معنى يشترك فيه جميع أنواع العقود التمليكية، سواء أكانت مع العوض أم بلا عوض، كانت مجانية محضة أو مشروطا فيها العوض.
وأما عنوان الصلح فهو عنوان آخر في مقابل التمليك، إذ به تنشأ المسالمة والمصالحة، والتمليك في باب الصلح هو المصالح به.
ثم إنه لو كان لفظ مشتركا بين الإيجاب والقبول ولم يعلم تقديم أحدهما حتى يميز البائع من المشتري أو علم بالتقارن وقلنا بصحته ولم يكن هناك جهة مميزة أخرى فالحكم التحالف، وعدم ترتيب آثار البائعية والمشترية على واحد منهما، لتعارض الأصلين إذا كان الحكم مترتبا على وصف البيعية والثمنية، أو على البائع والمشتري. وأما إذا كان الأثر مترتبا على أحدهما دون الآخر بأن علم عدم ثبوته له وشك في ثبوته للآخر كما لو كان أحد العوضين ثوبا والآخر حيوانا وادعى من بيده الحيوان أنه اشتراه والثوب ثمن له وقال الآخر: إن الحيوان ثمن فلو قلنا باختصاص خيار الحيوان بالمشتري فأصالة عدم ثبوت خيار الحيوان له جارية بلا معارض.
قوله قدس سره: (المحكي عن جماعة... إلى آخره).