فيتوقف صحته على أن يكون ذو السلطنة له السلطنة على السلطنة... وهكذا.
وعلى هذا فالحق أن البيع هو مبادلة مال بمال، أو تبديل مال بمال، وليس عبارة عن تمليك العين بعوض، إلا أن يكون المقصود من هذه العبارة التعريف باللازم، فإن لازم تبديل العين تحقق الملكية للمشتري.
وحاصل الكلام: أن الملكية عبارة من إضافة حاصلة بين المالك والمملوك، وهي عبارة أخرى عن الجدة، غاية الأمر أن الجدة الحقيقية والواجدية الواقعية هي مخصوصة بمن له ملك السماوات والأرض، فإنه هو الذي يقدر على الإيجاد والإعدام، فهو الواجد الحقيقي، والتعبير عن هذه الجدة بالإضافة الإشراقية يرجع إلى هذا المعنى.
وكيف كان، لا شبهة أن من أعلى مراتب الجدة هذه الواجدية، ونظيره في المخلوقات واجدية النفس للصور العلمية، فإنها توجد بنفس إنشاء النفس لها، وتنعدم في هذا الصقع بنفس إعدامها. فإحاطتنا بمنشئات أنفسنا نظير ملكية الله سبحانه وقدرته وعلمه.
وأما الملكية الاصطلاحية التي هي من إحدى المقولات فهي أضعف رتبة وأنزل درجة من الجدة الحقيقية.
وأما الجدة الاعتبارية فهي أضعف من المرتبتين السابقتين، ولكن لها نحو تحقق في عالم الاعتبار، وتكون منشأ للآثار، وبها تتبدل الأموال. وأما هي بنفسها فليست قابلة للتبديل ابتداء، لأنه ليس للمالك ملكية على الملكية، من غير فرق بين باب البيع وغيره، حتى في مثل الهبة المجانية، فإن الواهب لا يملك المتهب ابتداء، بل يعطيه المال، فإذا أعطاه إياه تنخلع عنه الإضافة ويلبسها الآخر، فهو يصير واجدا.
ولا مانع عن تعريف البيع بأنه تمليك عين بعوض، وعن الهبة بأنها تمليك مجاني، إذا كان المقصود منه تبديل المال أو إعطاؤه، فإن مقصودنا أن ما هو الواقع خارجا والثابت في عالم الاعتبار هو أن صاحب المال له إضافة وجدة كان المالك في شرق العالم والمملوك في غربه، أو كان تحت يده وبلحاظ مالكيته