إذا عرفت ذلك ظهر أن مراده في التوجيه من أن المكره غير قاصد لمضمون العقد ليس كونه غير قاصد للانفعال الذي هو أثر الفعل مع قصده الفعل، بل مراده أن نتيجة فعله - أي الأثر المترتب عليه - كالانتقال الخارجي الذي هو بمعنى اسم المصدر لم يصدر عنه باختيار ورضا.
وبعبارة أخرى: يشترك المضطر مع المكره في قصدهما المعنى المصدري، إلا أنهما يفترقان في قصد اسم المصدر، فإن المضطر قاصد له كقصده المعنى المصدري عن طيب، بخلاف المكره فإنه لم يقصد حاصل المصدر عن رضا.
ويمكن أن يكون هذا مراد العلامة قدس سره في قوله: لو أكره على الطلاق فطلق ناويا فالأقرب وقوع الطلاق، إذ لا إكراه على القصد (1)، أي نوى الحاصل من المصدر وقصد تحقق مضمون العقد لا بمعنى أنه قصد مدلوله، بل بمعنى كون الفعل ناشئا عن قصد حصول الأثر.
وبعبارة أخرى: قد يكون قصد المعنى المصدري تبعا لقصد اسم المصدر، فإن المقصود التوجه أولا إلى قصد اسم المصدر، وحيث إنه حاصل من المصدر فيقصد المعنى المصدري مقدمة. والمضطر كذلك، لأنه لما توقف علاج مرضه على السكر فيقصد الشرب المحصل له مقدمة. وأما المكره فلا يريد السكر أصلا، بل الشرب هو المقصود الأصلي له. فعلى هذا يصح أن يقال: إن المكره غير قاصد لوقوع مضمون العقد، أي للمتحصل من العقد. والأخبار (2) المصرحة بأنه (لا طلاق لمن لا يريد الطلاق) ناظرة إلى هذا المعنى.
وحاصل الكلام: أنه ليس مقصود المصنف قدس سره من أن المكره لا يكون الداعي له من الإنشاء قصد وقوع مضمونه في الخارج أن المكره لا يقصد إيجاد المادة بالهيئة، بل مقصوده أنه لا غرض له من إيجاد المادة بالهيئة وإن أوجدها