قيل (١) في عكس ذلك بالنسبة إلى الشهادتين في أن بعض الآثار مترتب على نفس التنطق باللسان وإن لم يقصد بهما معناهما، لعدم اعتقاد المتلفظ بمدلولهما.
وبالجملة: في مورد ترتب الأثر على الواقع قد أشير في بعض الأخبار بأنه يجب التورية كما في الحلف كذبا، وأما في مورد ترتب الأثر على اللفظ فلا يفيد التورية.
وثانيا: أن مثل عمار لا يحتاج إلى التنبيه، لأن المؤمن - لا محالة - لا يقصد معنى لفظ الكفر لو أكره عليه، فمع أنه يوري - لا محالة - ورد قوله عز من قائل:
﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالأيمان﴾ (2).
وأما من حيث الموضوع فلأن الاكراه يصدق مع امكان التفصي بالتورية، ولا يصدق مع إمكان التفصي بغير التورية، وذلك لأن المكره - بالفتح - لو ورى والتفت المكره - بالكسر - إلى توريته لأوقعه في الضرر الذي أوعده به. نعم، قد لا يلتفت إلى توريته وامتناعه مما أكرهه عليه. وأما لو توسل إلى غيره لدفع ضرر المكره وامتنع عن الفعل المكره عليه لم يوقعه في الضرر.
وبعبارة واضحة: لا بد في تحقق الاكراه من أمرين:
أحدهما: اطلاع من يكره أحدا على فعل بأن المكره ممتنع حتى يوصل الضرر إليه. وأما لو لم يعلم بأنه يمتنع أو لا يمتنع فلا معنى لتوعيده.
وثانيهما: أن يوقعه في الضرر الذي أوعده. وأما لو اطلع بالامتناع ولم يكن له أن يوقعه في الضرر فهذا ليس إكراها.
وعلى هذا، فإذا تمكن المكره من دفع ضرر المكره بالتثبت بذيل من يرفع ضرره أو بإذهاب الموضوع الذي أكرهه عليه فهو ليس مكرها، لأن مع اطلاع المكره على امتناعه لا يقدر أن يوقعه في الضرر، وهذا بخلاف من يتفصى بالتورية، فإنه لو اطلع المكره على امتناعه أوقعه في الضرر، وعلمه بامتناعه