الثالث: ما وجهه به شيخنا الأستاذ (1) - مد ظله - على نحو لا ينافي تبعية العقود للقصود، وتوضيح ذلك يتوقف على بيان أمور:
الأول: أن عناوين الأفعال تارة تكون عنوانا أوليا لها كعنوان الصرف والقتل والقيام والقعود. وأخرى تكون عنوان ثانويا، توليديا كانت أو لم تكن كالاحتراق المترتب على الألقاء فإنه مسبب توليدي، والتألم المترتب على الضرب، والتعظيم أو الإهانة المترتب على القيام أو القعود، والتمليك والتملك المترتبين على التعاطي، ونحو ذلك من العناوين الثانوية المترتبة على الأفعال كالرجوع في الطلاق الرجعي الحاصل بالوطئ وكالاجارة في العقد الفضولي، والفسخ أو الرد في العقد الخياري الحاصل بالتصرفات الفعلية.
ثم العنوان الثانوي تارة يترتب على الفعل قهرا، وأخرى مع القصد، وعلى كلا التقديرين تارة يكون من الأمور الخارجية، وأخرى من الأمور الاعتبارية.
ثم لا يخفى أن العنوان الثانوي القصدي سواء كان تأصليا أو اعتباريا لا يترتب على الفعل إلا إذا قصد هذا العنوان الثانوي.
وأما إذا كان قهريا فلا يعتبر قصده، بل نفس قصد الفعل كاف لصدور هذا العنوان عن قصد واختيار من الفاعل، فإن من قصد الضرب ولو لم يقصد الإيلام يترتب عليه قهرا، ويصدر عنه اختيارا بل عمدا ولو قصد خلافه. وسيجئ - إن شاء الله - في باب خيار الحيوان أن التصرفات المالكية موجبة لتحقق الإجازة ولو لم يقصد منها عنوان الإجازة. ويشهد له قوله عليه السلام (وذلك رضا منه) (2)، أي: ذلك اختيار منه. وتحقق في محله أن وطئ الزوجة المطلقة الرجعية يترتب عليه الرجوع وإن قصد به الزنا.