وقال ابن الجنيد: وأما سهم ابن السبيل فإلى المسافرين في طاعة الله، والمريدين لذلك، وليس في أيديهم ما يكفيهم لسفرهم ورجوعهم إلى منازلهم إذا كان قصدهم في سفرهم قضاء فرض، أو قياما بسنة، هكذا نقله في المختلف (1)، ولا يبعد أن يكون مراد ابن الجنيد صدقه على ذلك، لا الاختصاص; لكمال بعده.
وقال ابن حمزة: وابن السبيل المجتاز بغير بلده، المنقطع به غير منشئ للسفر (2).
أقول والكلام في مقامات:
الأول: أن الأظهر مختار المشهور في عدم دخول المنشئ للسفر في ذلك، بل هو داخل في سبيل الله إذا كان طاعة، فإن المتبادر من اللفظ هو الملازم للطريق الذي وضعه الطريق على الأرض; لعجزه عن السفر بسبب فقد النفقة، فكأن الطريق ولده، ويدل عليه تفسير العالم عليه السلام فيما رواه علي بن إبراهيم (3).
وما نقل عن ابن الجنيد في الحجة هو صدق ابن السبيل على مريد السفر ومنشئ الطريق (4)، وهو ضعيف; لتبادر غيره من اللفظ.
والقياس على من أقام فيما بين السفر ثم أراد الخروج، فإنه يعطى الزكاة مع أنه منشئ للسفر (5).
وفيه: أولا أنه قياس، وثانيا بمنع الأصل كما اختاره الشيخ.
والتحقيق أنه يعطى لا لأجل أنه منشئ للسفر، بل لأنه منقطع به في السبيل، فإن ما ينقطع بالإقامة هو السفر الشرعي، والسبيل في الآية يحمل على العرف، فهو مسافر