صحيحا عقلائيا ممضى عند الشرع، فربما يشكل الأمر، لأجل عدم وجود دليل لفظي ذي إطلاق، ولا بناء من العقلاء في هذه الموارد، لأن فهم العقلاء على حفظ الحكم الواقعي وإطلاقه ولزوم الموافقة القطعية، فلا تقاس أصالة الصحة بالقاعدتين الأخريين اللتين يمكن كونهما شرعيتين، مع قوة وجود الإطلاق في أدلتهما، فعلى هذا يحكم بالاحتياط حسب الموازين الصناعية.
وبالجملة: ليس هنا إطلاق يقتضي عذرية أصالة الصحة في قبال التنجز الثابت حسب العلم الاجمالي، كي يقدم ذلك الإطلاق على ذلك الاقتضاء والإطلاق، الثابت في دليل المعلوم إجمالا الإخلال بجزئيته أو شرطيته أو مانعيته، الموجبة لفساد العبادة أو المعاملة وسائر المركبات الداخلة في محط البحث، فالمهم بالبحث إطلاق أدلة القاعدتين بناء على تعددهما.
وغير خفي: أن الأخبار الواردة في الحمل على الصحة، ناظرة إلى مقام آخر ظاهرا، ولا أقل من عدم انعقاد ظهور لها، وهي في موقف عدم الحمل على الفساد، أو على الأحسن في فعل الغير. وأصالة الصحة المذكورة تجري في أفعالنا، بل لا نحتاج إلى الفعل، ولا إلى الفراغ منه، ولذلك يصح الاقتداء مع احتمال ترك الإمام ركنا في الركعات، أو يجوز استئجار الثقة العالم بالأحكام للصلاة والحج مثلا، وليس هذا إلا أصالة الصحة الراجعة إلى عدم السهو والخطأ والنسيان، بعد كونه ثقة غير عامد في الترك.
وأما قاعدة الفراغ، فهي ليست عندنا إلا أصالة الصحة العقلائية الجارية في جميع المركبات، ومنها الوضوء الجارية فيه، والوارد في الأخبار " هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك " (1) ليس إلا إحياء الارتكاز، وتجديدا للعهد، وبيانا للحكمة