الاجمالي: إنه لو شرب أحد الإناءين، وصادف الواقع، مع أنه بلا عذر، يجب عليه الاحتياط، والاستصحاب عذر، وإنه كان العقاب على الأطراف غير جزاف، ومع جريان الاستصحاب يكون جزافا، ولا شبهة في تقدم إطلاق دليل الاستصحاب على التنجز الثابت بالعقل، لأنه تنجز غير مناف رفعه للتكليف الواقعي الفعلي من جميع الجهات.
والقول: بأن العلم الاجمالي علة تامة (1)، لا ينافي ما ذكرناه كما مر (2)، لأن الحكم على فعليته المطلقة باق، وأما العقاب فيتبع العذر، وإطلاق دليل الاستصحاب يوجب اعتذار العبد على المخالفة الواقعية.
ومن هنا يظهر ما في الوجه الآخر: من كون كل واحد من الأطراف، من الشبهة المصداقية لدليل الاستصحاب، ضرورة احتمال كونه بحسب الواقع منجزا، فلا يكون مجال لجريانه (3)، وقد عرفت أنه لا يكون التنجز إلا بعد قطع العذر (4)، وإطلاق الاستصحاب - لتمامية أركانه - عذر مقدم على التنجيز الثابت بالعقل.
بقي شئ: وهو توهم المعارضة بين الصدر والذيل، فإن إطلاق الصدر يقتضي جريان الاستصحاب، وإطلاق الذيل يقتضي عدم جريانه، لكون اليقين - وهو الحجة الأعم - قائما، وهذه الحجة الأعم يقين عند الشرع، وحجة ممضاة عند الشرع.
وفيه: أن حجية العلم الاجمالي بالحجة وبالإطلاق، والحكم الثابت حسب الأدلة الأولية حجية عقلائية إمضائية مثلا، والاستصحاب حجة تأسيسية، وهي أيضا واردة على تلك الحجة، لأن من مقدمات تلك الحجة الممضاة، عدم وجود