لا معارضة أولا، ولا يسقطان معا على فرض المعارضة ثانيا. وقد مر أن التعارض بالعرض، مجرد تخيل وتسويل خارج عن حدود الدلالة الوضعية، مطابقية كانت، أو التزامية (1).
ومنها: امتناع اعتبار الحجية لكل واحد منهما بعد سقوطه بالمعارضة، للغوية اعتبارها بالضرورة، فلا انصراف يدعى كي يقال: بأنه مجرد دعوى بلا بينة وبرهان، بل لا يعقل حجية ذلك.
وفيه ما مر: من أن اللغوية هنا كاللغوية في اعتبار الحجية الذاتية للاستصحاب المسببي، والجواب لا يكون إلا عن طريق الخطابات القانونية. هذا مع ما عرفت من عدم سقوطهما، لإمكان حجية واحد منهما على التخيير، فتأمل.
ومنها: " أن المراد من " اليقين " في أدلة الاستصحاب هي الحجة، وقضية إطلاق " ولكن ينقضه بيقين آخر " (2) هو الأعم من الحجة العقلية والشرعية، ولا شبهة في قيام الحجة العقلية على وجوب الاحتياط، فليس أطراف العلم الاجمالي المؤثر فيه العلم والمنجز للتكليف الواقعي، داخلة في مصب إطلاق أدلة الاستصحاب موضوعا، لكون النقض بالشك ممنوعا، لا باليقين الأعم من الحجة " هذا ما في " تهذيب الأصول " (3).
ولعمري، إنه أقوى الوجوه، إلا أنه أيضا غير تام، ضرورة أن الاستصحاب أيضا من الحجج، وأدلة الاستصحاب واردة على حكم العقل، ومانعة من تمامية مقدمات لازمة لدركه وجوب الاحتياط، ضرورة أنه يقال في تقريب تنجيز العلم