المولى العالم بعدم انتراك الواجب المطلوب، وبعدم تحقق المحرم المبغوض، فإنه يكون الأمر والنهي لغوا، واللغو بعيد عن ساحته.
وتوهم: أن في جانب الأمر يكون الانبعاث القربى مستندا إليه، وهكذا في النهي القربى، فاسد ومنشأه تخيل أن القربية من تبعات الأمر والنهي، مع أنك عرفت في مباحث التعبدي والتوصلي: أن تقسيم الأمر إليهما غلط، بل القربية والتوصلية تجئ من الجهات الخارجة، والأمر يدعو إلى ما هو المقرب وهكذا، من غير أن يكون شخص الأمر قربيا (1).
نعم، الانبعاث عن البعث ربما يعد قربيا، ولكنه في غير المقام، فالأمر لغو في مفروض الكلام، وهكذا النهي.
هذا مع أنه لو كان مجرد القابلية كافيا، لكان الأمر والنهي سيان، فتفصيل العلامة النائيني بينهما (2) في غير محله.
ومنها: أن في موارد القدرة العادية مع وجود الدواعي الزاجرة بالنسبة إلى المنهي، والباعثة بالنسبة إلى المأمور به، يمكن الأمر والنهي، بخلاف صورة فقد القدرة، فإن التقييد بالقدرة ممكن، والتقييد بالإرادة ممتنع، ضرورة أن الأمر والنهي لصرف الإرادة في الواجب، وزجرها عن المحرم، فكيف يقيد بها؟! هكذا في كلام العلامة النائيني (رحمه الله) (3).
وفيه ما لا يخفى، فإنه فرق بين التقييد، وبين كون المولى عارفا بوجود الدواعي المنتهية إلى وجود الإرادة وعدمها، وما هو المفروض هو الثاني.