إذا تبينت هذه الصور، فالذي هو مورد الكلام في المقام: هو أن ترشح الإرادة الجدية إلى البعث والزجر في الواجبات والمحرمات، غير ممكن بعد علم المولى بتلك الأحوال والأفراد، وبعد الالتفات إلى أن الأمر والنهي ليس إلا لأجل الباعثية والزاجرية، وليس لهما شأن إلا تحريك العباد إلى جانب الفعل والزجر عنه، فإذا كانت في أنفسهم المبادئ اللازمة الكافية موجودة، فلا أمر واقعي، ولا نهي حقيقي، كما لا يكون في موارد العجز العقلي والعادي، فإن جميع الصور مشتركة في هذا المناط والملاك الموجب لقبح التكليف، بل وامتناع صدور الإرادة بعد الالتفات إلى أطراف القضية.
وتصير النتيجة في موارد العلم الاجمالي التي يكون بعض الأطراف داخلا في إحدى الصور الخمس دون الطرف الآخر: عدم التنجز، لعدم العلم بالتكليف الفعلي على كل تقدير.
وغير خفي: أن لازم هذا الأمر وهو عدم كون الأمر منجزا، إشكال آخر يتوجه إلى كثير من المحرمات التشريعية، والواجبات الإسلامية، ضرورة امتناع صدور الإرادة الإلزامية في هذه الموارد التي تتنفر منها الطباع، ولا تمس إليها الحاجة، وتكون الدواعي الباعثة إلى إيجادها كافية.
وأيضا: لا ينبغي الخلط بين هذه المسألة، وما مر في المجلد الأول حول الخطابات الشخصية والقانونية والمشاكل المترتبة على القول بانحلال الخطاب إلى الخطابات (1)، ضرورة أن في موارد الصورة الثالثة، لا تنحل المشكلة بالخطابات القانونية، لتنفر النوع منها، أو لتوفر الدواعي إلى إيجادها وانحفاظها، كحفظ النفس وأشباهه.