غرض في الأمر والنهي: وهو اطلاع الأمة الإسلامية على حدود المطلوبات والمحبوبات والمبغوضات للمولى.
فلو كان أحد الأطراف معجوزا عقلا، أو عادة، وكان العلم الاجمالي بالمبغوض المذكور منجزا، يكفي النهي للإعلام، للزوم الاحتياط بالنسبة إلى الطرف المقدور العقلي والعادي، وهكذا بالنسبة إلى الأطراف المتوفرة فيها الدواعي الباعثة والزاجرة، وهكذا في سائر الصور.
فجميع الصور بملاك واحد مورد وجوب الاحتياط، من غير حاجة إلى حديث الخطابات القانونية لحل هذه المشكلة. مع أن حلها بها محل إشكال، بل منع، كما سيظهر إن شاء الله تعالى.
وبالجملة: كان وجه عدم تنجيز التكليف، إما قبح الخطاب ولغوية الأمر والنهي، أو استهجان الطلب، والكل منتف، لما لا خطاب ولا إنشاء، بل المقصود من ذلك البعث والنهي هو توجيه الأمة إلى ما أشير إليه في هذه المواقف الخاصة ثبوتا وإثباتا، وفي غيرها ثبوتا، وأما في مرحلة الإثبات فكسائر الأوامر العقلائية.
ولا ينبغي توهم: أن ذلك مجرد فرض لا دليل عليه، ضرورة أن الجهة المبحوث عنها هي حل مشكلة المسألة عقلا، وإثبات استحقاق العقاب على أكل القاذورات، وعلى ترك حفظ النفس، وغير ذلك.
ومن الموجبات المخرجة لإعلام المولى عن اللغوية: هو نفس ذلك الاستحقاق الذي لا يمكن إنكاره، فلو قام إجماع تعبدي قطعي على محرمية هذه الأمور، أو وجوب شئ، فهو لا يزاحم بالمشكلة العقلية المذكورة. مع أنه يلزم الاحتياط - حسب الموازين العقلية - في صورة العلم الاجمالي.
نعم، قضية ما تحرر منا قيام السيرة العملية على عدم الاحتياط في مجموع