النهي زاجرا، كذلك الابتلاء بجهنم وأكل ما فيها - الذي هو أسوأ بمراتب منها - يوجب الانزجار في ناحية الأمر والنهي، وهكذا في ناحية الجنة.
* (وقليل من عبادي الشكور) * (1) الذين تكون عباداتهم وأفعالهم وتروكهم أفعال الأحرار، وإلا فالنوع عبادتهم عبادة الاجراء والعبيد.
فعلى هذا، ليس الأمر والنهي إلا موضوعا للإطاعة والعصيان، ومنشأ لاعتبارهما، والبعث التشريعي والزجر التشريعي، ليس إلا بعثا مجازيا وتخيليا وزجرا توهميا، وما هو الباعث الزاجر هي الأمور الأخر الموجودة في النفس على اختلافها، بحسب اختلاف الناس نقصا وكمالا " (2).
وفيه: أن مفهومي " الطاعة " و " العصيان " لا يعتبران إلا عن موارد التخلف عن الأمر الجدي النفسي، والنهي الجدي النفسي، ولا يعتبران من الهزليات، ولا من الغيريات، والإرشاديات.
والكلام هنا حول أن حصول الجد مما لا بد منه، كما لا بد وأن يكون مورد جد الآمر والناهي معلوما، وأنه ليس جدية الأمر والنهي، كي يقال: إنه مورد الجد، بل الجد هو في ناحية متعلق الأمر والنهي، وما هو من تبعات الأمر والنهي، هو من تبعات عصيان الأمر والنهي وإطاعتهما، فلا بد من تحقق العصيان والطاعة، وهما لا يحصلان إلا في صورة حصول الإرادة الجدية التشريعية المتعلقة بالمادة والطبيعة والمتعلق متوجهين إلى الناس. إلا أن الأمة بعد الالتفات إلى تبعات الأمر والنهي ترغب في الطاعة، وتنزجر عن العصيان، وربما تجد أنه لا تتحقق الإطاعة إلا بالانبعاث عن البعث، كما في العبادات، وتجد أنه لا يترتب الثواب والفرار من العقاب