بالنسبة إلى المولى العارف العالم بالوقائع.
ورابعة: ما هو المقدور عقلا وعادة، وليس مورد الدواعي النفسانية الباعثة أو الزاجرة، ولكنه غير واقع في محط الحاجة، وليس مورد الابتلاء حين تعلق العلم، ويبعد مسيس الاحتياج إليه، مثل ما إذا علم إجمالا: بأن القطرة إما وقعت في الإناء الذي يريد التوضؤ به، أو في إبريق المسجد الذي لا يبتلى به ما دام موجودا، أو وقعت فيه، أو على ثوب صديقه الذي لا تمس الحاجة إلى الصلاة فيه حسب المتعارف.
وهذا الفرض هو فرض الابتلاء واللا ابتلاء بحسب اللغة، وإلا فسائر الفروض خارجة عن هذا المفهوم أيضا وإن كان الملاك والمناط أعم.
والفرق بين هذه الصورة والصورة السابقة: أنه في السابقة تكون الدواعي النفسانية على تركها، بحيث يعصى الله تعالى ولو أمر به مثلا، بخلاف هذه الصورة، فإنه لا داعي له فيها إلى الترك، وليس مورد التنفر والانزجار الطبيعي، فإنه لو علم بوقوع القطرة إما على ثوبه، أو على أرض الدار، أو الزقاق والشارع، لا يكون انزجار عن السجدة على تلك الأرض، ولا تنفر الطباع منها، بخلاف ما إذا علم: بأن ما في أحد الإناءين خمرا، أو سنخ متلوث وكان بين يديه.
وخامسة: أن يكون الناس مختلفين بحسب الأحوال والأفراد في الدواعي الزاجرة والباعثة، وفي فقدها، فربما يكون بعضهم صاحب الدواعي الباعثة، وبعضهم بلا داع في موارد التكليف الإيجابي، وبعضهم ذوي الداعي الزاجرة في مورد التكليف التحريمي، وبعضهم بلا داع.
والمقصود من " الدواعي " هي المحركات نحو الفعل على وجه العلية التامة، وإلى الزجر عنه كذلك.