وهذا هو الظاهر من فتوى القوم فيما لو علم: بأن عليه خمس العين المعينة، أو زكاة عين زكوية (1)، مع أن في هذا الفرض - لمكان تجويز الرد إلى الحاكم - يمكن التقويم.
ولو ردهما إلى الحاكم أو إلى المالك في الفرض الأول، يلزم إشكال يستتبع عدم إمكان الاحتياط، وهو أنه لا يرضى بالتصرف فيما هو ماله، فلا يجوز للطرف أخذهما معا، ولو أخذهما يجب - حسب العلم الاجمالي - الرد، فيعلم منه سقوط العلم الاجمالي عن التأثير، لعدم قابلية المورد، فالقول بسقوط العلم الاجمالي عن التنجيز هنا، غير بعيد.
مع أنه يمكن دعوى: أن التنجز يستند إلى الشبهة ذاتا، لكونها من الشبهات المهتم بها.
فعند ذلك لا بد من حل المشكلة بأحد الوجوه الاخر المحررة في الفقه وغير المربوطة بمسائل العلم الاجمالي: من وجوب المصالحة، أو القرعة، أو مجهول المال، أو المختلط بالحرام حكما، لا موضوعا، أو غير ذلك. ومنه وجوب الرضا باستهلاك الطرف، نظرا إلى إمكان الاحتياط.
وليس هنا مصب قاعدة " لا ضرر... " لأنه مستند إلى درك العقل، دون حكم الشرع، فعليه ردها إلى مالكها في صورة معرفته إياه، ورضاه بتصرفه، فلا يلزم المحذور.
اللهم إلا أن يقال أولا: إن الضرر يجئ من إطلاق الدليل.
وثانيا: إن الواجب هو التخلية بين المال ومالكه بعدم المنع، فإن يعرف ماله فهو، وإلا فلا شئ عليه.