وما ربما يتوهم: من أنه في صورة العلم بنجاسة الماء أو الثوب، تجري قاعدة الحل في الماء، دون الثوب، فيجوز شرب الماء، لما لا ثمرة في ناحية الثوب، في غير محله، لأن أكل الثوب محرم فرضا، وإذا كان نجسا تزيد العقوبة، فكما يشك في حلية شرب الماء، يشك في حلية أكل الثوب من جهة نجاسته زائدا على خباثته، فالمثال المذكور أيضا ليس مثالا لمورد جريان قاعدة الحل النافية بلا معارض، ولا مثالا لجريان الأصل المؤمن بالنسبة إلى بعض الآثار دون بعض آخر، فلا تغفل.
هذا على تقدير جريان استصحاب المالية، وإلا فلا أصل حاكم في المثال المذكور أيضا.
وغير خفي: أن الأصل المذكور مثبت، لأن الشرع أحل البيع، وكونه مبادلة مال بمال، ليس مستفادا من الأدلة الشرعية على وجه يكون له الإطلاق أو العموم، حتى ينقح بالاستصحاب الموضوعي موضوع الدليل، بل هو يستفاد من الدليل اللبي. فالبحث هنا كله فرضي، لما يمكن الابتلاء به في الفقه أحيانا، وتلك الأمثلة لتوضيح حال المسألة، فلا تختلط الأمور.
فبالجملة: تحصل أولا إلى هنا: أن الحق إمكان الترخيص في مجموع الأطراف.
وثانيا: إمكان التخيير.
وثالثا: عدم جواز التفكيك بين الأصول النافية والمثبتة، بالأخذ بها، دون الأصول النافية. وإنا لو اتخذنا ذلك، فهو لأجل تجويزنا الترخيص في الكل، وإلا فالصناعة تقتضي إما الترخيص، أو المنع على الإطلاق.
ورابعا: أنه لا فرق بين الأصول الجارية - بناء على وقوع المعارضة بينها في أطراف العلم - بين كونها طولية، أو عرضية، وبين كونها متحدة المضمون، أو مختلفة المضمون، كاستصحاب مالية الإناء الشرقي، وقاعدة طهارة الإناء الغربي،