والثانية: في تعارض استصحاب المالية مع قاعدة الحل الوضعي في الطرف المختلفين في المفاد، ضرورة أن مفاد الاستصحاب هو البناء على المالية، ومفاد القاعدة صحة المعاملة.
أما الجهة الأولى: فقد مر شطر من الكلام فيما سبق حولها، وذكرنا أن الاستصحاب وإن يسقط للمعارضة، وتصل النوبة إلى قاعدة الحل في الإناء الشرقي، إلا أن قاعدة الحل في الإناء الغربي أيضا تنحل، للمعارضة له كما عرفت تحقيقه (1).
وأما الجهة الثانية: فهل يكون الاستصحاب معارضا لقاعدة الحل، أم لا، لاختلافهما في المفاد؟ فيه وجهان:
من أن الاستصحاب المذكور، لا يعارض بالذات قاعدة الحل في الإناء الغربي، بعد البناء على جواز التمسك به وبها لتصحيح البيع وغيره، لأن الشك في حلية البيع مجرى القاعدة، ويكفي لصحته مجرد التعبد بالحلية، كما هو المستفاد من الكتاب العزيز، ولا نريد إثبات شئ آخر وراء حلية البيع، وقد حررنا تحقيقه في كتاب المتاجر (2)، ولا يعارضها بالعرض، لاختلاف المفادين.
ومن أن العلم الاجمالي بخمرية أحدهما، يلازم العلم الاجمالي بعدم مالية الإناء الشرقي أو الغربي، مع أن الاتحاد في المفاد غير لازم، لأن استصحاب بقاء مالية الإناء الشرقي، يترتب عليه رفع العقاب عن التصرف في المأخوذ بالعقد الفاسد، الذي هو بحكم الغصب عند المحصلين، وأصالة حلية البيع أيضا مثله في هذا الأثر، فتدبر.