وقد اتضح: أن في الدفعي لا يكون الدوران بين الفعلية والمشروط، موجبا للتنجيز، فضلا عن التدريج، وما هو المبحوث عنه هو العلم بالتكليف الفعلي ولو كان ظرف الطرفين أو ظرف أحدهما استقباليا، فلو علم بأن هذه المرأة يحرم عليها كنس المسجد في العشرة الثانية من الشهر، أو الثالثة، لا تصح إجارتها في العشرة الأولى للكنس في العشرة الثانية والثالثة، ولا لإحداهما، بناء على كون الكنس محرما عليها بالفعل بالنسبة إلى العشرة الثانية أو الثالثة على وجه الوجوب المعلق.
وبالجملة: لا يناقش في المثال، فإنه ليس دأب المحصلين بعد كون المرام معلوما.
فعلى هذا، لو كان الحكم فعليا، والتحريم فعليا، والمحرم أو الواجب استقباليا، لا يوجب هذا الاستقبال قصورا في التنجيز على ما هو المعروف بين المحققين في هذه الصورة (1).
وعندي في إطلاقه نظر، بناء على ما هو المعروف بينهم من أن الخروج عن محل الابتلاء، يضر بالتنجيز (2)، فإن سره هو استهجان الخطاب والتكليف والبعث والزجر، وهذا كما يجري في البعد المكاني، يجري في البعد الزماني، فلو كان أحد الطرفين في التدريج بعد مضي خمسين سنة أو ثلاثين سنة، فإنه يستهجن الخطاب بالنسبة إليه. بل الاستهجان هنا أوضح، لعجز العبد عن الوصول إليه، بخلاف البعد المكاني.
نعم، بناء على عدم إضرار الخروج عن محل الابتلاء بالتنجيز - كما هو الحق - لا فرق بين الصورتين.