وثالثا: لا معنى لأن يعتبر الشرع قيدا في حجية الاستصحاب من باب المناقضة بين الصدر والذيل، فإنه يشبه الا حجية والحزورة ولازم المناقضة المذكورة إجمال الدليل لو لم يمكن تقديم أحدهما على الآخر، فما في " تهذيب الأصول ":
" من أنه (رحمه الله) يريد إفادة خصوصية في الأدلة، فتسري إلى سائر الأدلة " (1) غير تام ظاهرا.
ورابعا: في موارد تعارض الصدر والذيل، لا يمكن التقديم إذا كان كل من الصدر والذيل، قابلا للانطباق وجملة مستقلة تامة، وكانت الجملة الأخرى معارضة لها في الانطباق، واستقلال الظهور لها، وما نحن فيه ليس الأمر كما ذكر، ضرورة أن جملة الذيل لا تستقل بالإفادة، بخلاف الصدر، فالصدر يصلح للقرينية على الذيل، لأنه كلام غير مستقل بالمفهومية، ولا يفيد جملة تصديقية، فافهم واغتنم.
فبالجملة تحصل: أنه لا منع للعلم الاجمالي، ولا قصور في أدلة الاستصحاب عن الجريان في الأطراف.
بقي شئ: ربما يتوهم أن " اليقين " في الصدر قرينة على أن ما في الذيل هو عينه مرادا، فإن ما في الصدر هو اليقين التفصيلي (2).
وفيه: أن التعريف في الصدر والتنكير في الذيل، يشهد على أن المراد من الثاني غير المراد من الأول ولو كان بالعموم والخصوص.
هكذا أفيد في الباب السادس من " المغني " فيما إذا قال: " جاءني الرجل، وضربني رجل " (3) فيعلم منه أن " اليقين " في الذيل يقين أعم من التفصيلي والإجمالي.