أن العلم بكذب إحداهما، لا يقتضي ممنوعية التبعية إلا في صورة كون الخمر حراما، بحيث يستتبع العقوبة، وأما إذا تصرفنا في الحرمة أو في العقوبة، فلا اقتضاء له، ضرورة أن مرتبة الحكم الظاهري محفوظة، كما تحرر وتقرر (1).
نعم، ربما يشكل وجود الإطلاق (2)، أو يقال بانصرافه عن هذه المواقف (3)، ولكنهما غير صحيحين جدا:
أما إنكار الإطلاق، فلا وجه له سواء كان المستند بناء العقلاء، أو دليلا شرعيا، والمفروغية القطعية، ولا سيما بعد ما نجد من الشرع في موارد المعارضة في أخبار الثقات بالإرجاع إلى المرجحات في الخبرين المتعارضين ذاتا، فإنه يعلم منه حجية الخبر شرعا وإن لم يكن حجة عرفا في خصوص المتعارضين بالذات.
وأما الانصراف، فهو في محله إذا قلنا: بأن الخمر الواقعي محفوظ حكمها وتبعاتها من العقوبة.
وأما إذا قلنا بعدم انحفاظ حكمها في صورة الخطأ، أو عدم انحفاظ تبعاتها، كما هو المسلك، فلا معارضة حتى يثبت الانصراف، ضرورة أن الخمر بلا حكم أو بلا عقوبة، ليست ذات أثر حتى تقع المعارضة بين البينتين في مفروض المسألة.
إن قلت: إذا لم يكن لها الأثر، فلا معنى لاعتبار حجية البينة، فيلزم من حجية البينة عدمها.
قلت: لا شبهة في أن كل طرف لا يأبى عن شمول أدلتها في ذاتها، ووجه الانصراف التحفظ على الواقع في هذه المرحلة، أو التحفظ على تبعاتها، فإذا تصرفنا في ذلك فلا وجه للانصراف، ويكفي هذا أثرا لها، ضرورة أنه لولا إطلاق حجية