هذا على مسلك القوم، وهو القول بالخطاب الشخصي، وانحلال الخطابات القانونية إلى الشخصية.
وأما على مسلكنا، فلا منع من كون الحكم فعليا بالقياس إلى الخمر الواقعية، ولكن الشرع رخص قانونا في تبعية البينة، ولازم ذلك تبعية البينة في الشبهة البدوية إذا قامت على خمرية شئ، أو على عدم خمرية شئ، فإنه إذا كان الواقع في الصورة الأولى ماء، فهو باق على إباحته، وفي الثانية باقية على حرمتها الواقعية القانونية الفعلية. وهكذا تبعية البينة في الشبهة المقرونة بالعلم.
فما هو الخمر الواقعي في البين حرام فعلي، ولكن الشرع رخص في تبعية البينة، لا في الخمر بعنوانها، وترخيصه في تبعية البينة، ربما ينطبق في مورد مع الخمر المحرمة، وهذا لا يستلزم تصرفا في الحكم، ولا قصورا في ترخيص التبعية قانونا، كما عرفت في المسألة الأولى (1).
ولأجل ذلك ذهب السيد الفقيه الأستاذ البروجردي في الشبهة البدوية القائمة على طهارة الثوب بينة شرعية، إلى صحة الصلاة المأتي بها في الثوب المذكور، لأن الشرع بإمضائه الطريق انصرف عن واقعه، لما لا يعقل الالتزام بالواقع جدا وفعليا، والترخيص على خلافه (2)، ومضى ذلك في بحوث الاجزاء بتفصيل (3). ولكن الحق عدم انصرافه عن الواقع، مع صحة الصلاة المأتي بها حسب مسلكنا.
وبالجملة تبين: أنه على هذا لا معارضة بين البينتين إلا بحسب الصورة، وما هو منشأ الشبهة والإشكال، ليس هنا أزيد مما مضى في المسألة الأولى (4)، ضرورة