الاختياري، حيث قال تعالى: * (غير باغ ولا عاد) * (1) فإنه - بناء على ما تحرر - تكون الميتة حراما في مورد الاضطرار بسوء الاختيار، ومع ذلك يجب بحكم العقل أكلها، نظرا إلى حفظ النفس الأهم، فيعاقب على ارتكاب المحرم، مع أنه لو كان يترك أكلها يعاقب عقابا أشد على عدم حفظه للنفس.
وليس ذلك إلا لأن الخطاب في مورد المضطر، ليس شخصيا، والإرادة ليست جزئية شخصية في واقعة خاصة، حتى يقال بنفي الحرمة طبعا، للابتلاء بالأهم، فإنه خلاف ظاهر الكتاب العزيز. وتمام هذا يطلب من بحوث الأهم والمهم من المجلد الأول (2).
فعلى ما تحرر في هذا المثال تبين: أنه في مورد وجود الحكم الفعلي والتحريم والإيجاب الفعليين على الإطلاق، لا يلزم قبح ترخيص المعصية، لأن مخالفة الحكم الفعلي في صورة الابتلاء بالأهم، مورد ترخيص الشرع، بمعنى رضاه كما في المثال المذكور، وليست تلك المخالفة قبيحة، لأنه بها يفر عما هو الأهم، أو يمتثل ما هو الأهم، فمجرد مخالفة الحكم الفعلي، ليس عصيانا وقبيحا، ولا فسقا وفجورا، ولا ممنوعا وقبحا.
كما أن المناقضة ترتفع، لأجل أن ما هو المستحيل، هو أن يحرم المولى على زيد المضطر تحريما شخصيا، ويقبل أن الاضطرار عذر، ويعترف بأنه عذر مقبول، فإنه تناقض في نفسه، وليس تحريم الميتة هكذا، بل هو تحريم على نعت الخطاب القانوني الكلي، ولا يختص زيد بالخطاب الخاص الشخصي، كما لا يكون اعترافه بعذرية العجز والاضطرار والإكراه، اعترافا شخصيا، بل هو أيضا نوع ارتضاء كلي،