إلى التدريجيات والاستقباليات.
إذا علمت الأمر كله.
فالذي ينبغي التوجه إليه أولا: أنه ربما نجد في موارد الاضطرار والإكراه والعجز بالنسبة إلى الحكم الواقعي، إمكان الالتزام بفعلية الحكم بالنسبة إلى المضطر والمكره والعاجز، مع ترخيص الشرع في تلك الموارد، وذلك لأن الحكم الثابت الفعلي، من الأحكام الفعلية القانونية المشترك فيها جميع الأصناف، وتكون حالات الاضطرار والإكراه والعجز أعذارا عقلية، وفي موارد الأعذار العقلية والعرفية تكون الأحكام فعلية.
والسر كل السر ما مر في المجلد الأول: من أن فعلية الحكم الثابت بالخطاب الشخصي بالنسبة إلى زيد، غير معقولة في مورد العجز الشخصي، أو الاضطرار وغيره، وأما في موارد الخطابات القانونية الكلية - على التفصيل الذي مر تحقيقه بسد مشكلاته من نواح شتى (1) - فتكون حرمة أكل الميتة ووجوب الصوم، فعليا وواقعيا، ولا فصل بين فعلية الحكم بالنسبة إلى العالم القادر والعاجز، وإنما الفرق في استحقاق العقوبة في الأول، وعدمه في الثاني، وإلا فالكل يخالف مولاه في حكمه وجعله.
والمتأخرون لا يمكن لهم الالتزام بذلك، لامتناع كون أكل الميتة حراما فعليا ومنهيا واقعيا، ومع ذلك يكون مورد رضا الشرع بما أنه واحد من العقلاء، بل بما أنه شرع أمضى عذرية هذه الأمور، ضرورة إمكان إيجاب التحفظ في موارد الاضطرار والإكراه والعجز، حتى لا يتسامحوا في ذلك، وكان يمكن له أن يعرب عن عدم رضاه بالاضطرار العرفي والإكراه العقلائي، كما أعرب عنه في مورد الاضطرار