العقل، يمنع عن جريان البراءة العقلية والعقلائية، دون الشرعية، مع كونه باقيا على حاله علما ومعلوما، من غير تصرف في المعلوم يسيرا وكثيرا، خلافا لما في " الكفاية " من التصرف في المعلوم يسيرا (1)، وفي " التهذيب " كثيرا (2).
مع أن من المحتمل جولان المجلسي فيما ذكرناه، إلا أنه التزم في الشبهات التحريمية الموضوعية ظاهرا للأدلة الخاصة، دون الوجوبية، وفاقا للأخباريين في الشبهة البدوية.
نعم، إذا قيس النظر إلى استحقاق العقوبة وعدمه، لا إلى اختلاف مراتب الحكم ووجوده وعدمه، فلا بأس بدعوى أنه مقتض، لأنه يجوز للشرع الترخيص في جميع الأطراف عقلا، وإن لم يجز الارتكاب مطلقا حسب البراءة العقلية والعرفية، فلا تغفل.
فذلكة البحث إن ملاحظة مصالح الاسلام والمسلمين في إمضاء الطرق والأمارات على وجه تجري في أطراف العلم الاجمالي، لا تستتبع تقييدا في الأحكام الواقعية، وتخصيصا في المجعولات النفسية، حتى يتوهم: أن الترخيص المذكور يوجب الخلف. وتصديق هذا الذي ذكرناه، منوط بالاطلاع على مقدمات حديث الخطابات القانونية (3)، وأنها لا تنحل إلى الشخصية، مع انحلال الحكم إلى الأحكام الكثيرة انحلالا حكميا، ولذلك تجري البراءة في الشبهات الحكمية على الإطلاق.