شرب التتن وأكل لحم الأرنب، إذا كانا كلاهما مشتبهي الحكم، فإذا سأل الإمام (عليه السلام) رجل عن أن شرب التتن حرام، أم لحم الأرنب، أو هما معا، أو كلاهما حلال، يصح أن يجيبه (عليه السلام) بالقاعدة المذكورة. نعم، فيما إذا لم يكن ترديد في البين ولو بالنحو المذكور، يوهم اختصاص القاعدة بالشبهات الموضوعية.
وثانيا: ما في ذيلها " الأشياء كلها على ذلك " قاعدة كلية، ربما اتي بها دفعا للتوهم المذكور، وإلا فهي تكرار، وقد عرفت أن في تأكيد العموم بكلمة " كلها " إشعارا بإلغاء خصوصية الأمثلة، حتى حديث الموضوعية.
ويتوجه إلى الثاني: أن البينة أولا: ليست العدلين إلا اصطلاحا، وإلا فما هو البينة هو الدليل والحجة، فيتم العموم حينئذ بلا كلام ولو لم يتم العموم في الصدر، ولأجل ذلك تنحصر الغاية في الاستبانة الشخصية والوثوق والاطمئنان والعلم الشخصي، وفي الحجة الشرعية، أو العقلائية.
وقد مر في بحوث خبر الثقة: أن الخبر المذكور ليس رادعا عن العمل بخبر الثقة (1)، ولو كان المراد من " البينة " معناها الاصطلاحي للزم الردع عنه، لعدم إمكان إدراج خبر الثقة في الاستبانة بالحكومة أو الورود، لأن البينة أيضا من مصاديقها، وهي مقابله، فاغتنم.
وثانيا: أن الغاية المذكورة غاية للشبهتين: الحكمية، والموضوعية، ضرورة أن مشكوك الحكم حلال إلى أن يحصل الوثوق الشخصي أو البينة، والموضوع المشتبه أيضا كذلك، ولكن في ناحية الحكم اعتبر الشرع كفاية خبر الثقة أيضا توسعة بدليل آخر، كما أنه في الموضوعات أيضا يجوز التوسعة، كما ذهب إليه جماعة منهم (2).