وبعبارة أخرى: الحديث ناظر إلى الصورتين الأوليين، وفي موارد الشبهة لا يصلح للمرجعية، لأنها من الشبهة الموضوعية بالقياس إليه، ضرورة أنه في كل مورد شك في أنه حرام أو واجب، يشك في أنه من الصورتين، أو من الثالثة، فلا يصلح حينئذ للمرجعية.
ويمكن أن يقال: إنه في كل مورد لا بد وأن ورد من الشرع شئ، لأنه لا تخلو واقعة إلا وهي ذات حكم، وقد ورد أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " ما من شئ يقربكم من الجنة... إلا وقد أمرتكم به... " (1) إلى آخره، فعليه لا بد وأن ترجع الشبهة إلى الصورة الثالثة التي هي مصب الحديث.
وبالجملة: يستفاد من الحديث المشار إليه ومن الأمر السابق عليه، أن شرب التتن مورد الحكم الإلهي، إلا أنه غير معلومة خصوصيته بعد معلومية عدم الوجوب، فيكون الحديث مخصوصا بالصورة الثالثة ولو كان مجازا.
ثم إن منشأ الشك تارة: يكون إجمال النص، وأخرى: تعارض النصين، وفي هاتين الصورتين يكون الحجب مستندا إليه تعالى، نعم في صورة فقد النص بعد صدوره وعدم وصوله، لا يصح الانتساب، وهكذا في الشبهة الخارجية، فتأمل.
ثم إن لنا إنكار عدم جواز الاستناد إليه تعالى في مطلق الصور، لأن القول بالأمر بين أمرين، يقتضي نفوذ إرادته وقدرته في كافة الأشياء.
هذا مع أن لمكان كون الحديث هكذا: " ما حجب الله عن العباد " لا بد من القول بحذف ضمير العائد، أي " ما حجبه الله " أو " ما حجب الله إياه " وعليه يجوز أن يكون المحذوف مضافا إليه تعالى، وتكون كلمة " ما " وقتية، أي " ما حجب حكم الله " على البناء للمجهول، أو " في وقت حجب حكم الله فهو موضوع "