كانت الخصوصية الثابتة ذات أثر خاص - أن ما هو المتنجز بالعلم هو الخاص أيضا، وذلك لأن المعلوم بالإجمال ولو كان غير متعين وغير متميز بالنسبة إلى مرحلة العلم والإثبات، إلا أن في صورة كون الواقع بمقدار المعلوم، يتنجز الخاص قطعا، لامتناع الإهمال الثبوتي.
مثلا: لو علم أن في العشرة خمسة محرمة بالحرمة الغصبية، ولكنه يعلم بأصل الحرمة من الخمسة، فإنه يتنجز حرمة الغصب واقعا، وهي الحرمة الخاصة وإن لم يعلم بالخصوصية، ضرورة أن العلم متعلق بالواقع بالعرض، والواقع يتنجز بالعرض، وهو المحرم الغصبي بالضرورة.
هذا فيما إذا كان الواقع والمقدار المعلوم متساويين، وهكذا إذا كان الواقع أقل.
وأما إذا كان الواقع أكثر، فمقتضى تنجيز العلم جميع الأطراف، كون تلك الزيادة الخاصة أيضا - لأجل الاجمال في العلم - منجزة خصوصا.
وبعبارة أخرى: بين المعلوم بالإجمال والواقع صور ثلاث: كونهما متساويين، كون الواقع أقل، وبالعكس، ففي الصورتين الأوليين لا يستند التنجز إلى الطرق، إلا أن العلم الاجمالي ينحل لولا الإشكال الذي مر، وفي الصورة الثالثة يتنجز المعلوم والمقدار الزائد، لإمكان انطباقه عليه، فتكون جميع الواقعيات منجزة ولو كان طائفة منها مورد الاحتمال، وخارجة عن مورد العلم وطرفه.
ولو لم تكن جميع الواقعيات المعلومة والزائد عليها، منجزة وموجبة لاستحقاق العقوبة، لكان في ترك العبد جميعها أمن من العقوبة، لأن الشرع لا يعاقب إلا على ارتكاب الكذب المحرم، والغيبة المحرمة وهكذا، فيعاقب على الخواص، لما لا يعقل جعل الحرمة المهملة ثبوتا، فيكون العقاب على ارتكاب الخاص، وإذا كان المقدار المعلوم موجبا للاستحقاق، ولم يطلع العبد على الطرق،