الوجود، ومقابله وهو العدم المطلق، أو نفس الطبيعة، أو العام المجموعي، أو العام الاستغراقي والوجود الساري.
وقبل الخوض فيما هو حق التفصيل في المسألة، نشير إلى نكتة: وهي أنه قد اشتهر في كلمات القوم " أن متعلق الأمر تارة: يكون الوجود الساري، وأخرى:
صرف الوجود، وفي مقابله العدم المطلق " (1).
وهذا بحسب التحقيق، أمر لا محصل له عند من له التحصيل في بعض العلوم العالية، ضرورة أن الوجود - سواء أريد به مفهومه، أو حقيقته التي هي عين الخارجية - لا يعقل أن يتعلق به الأمر أو النهي إلا بتسامح وتساهل، ضرورة أن ما هو الخارجي منه، لا يمكن أن يتعلق به الأمر والنهي كما هو الظاهر.
وأما مفهوم " الوجود " فهو أمر لا يعقل أن يصير خارجيا، لأن موطن المفاهيم هي الأذهان، بخلاف الماهيات، فإنها ذهنية، وخارجية بالغير، وخالية عنهما حسب رتبة الذات، وفيما إذا ورد الأمر بإيجاد الضرب، أو الإكرام، أو ورد النهي عن إيجاد الشرب، فهو في الحقيقة ليس إلا أمرا بالضرب وبعثا نحوه، أو زجرا عن الشرب، حتى لا يصير الاختلاف في أصالة الوجود والماهية، موجبا للاختلاف في إمكان الامتثال وامتناعه، ضرورة أن نفس الطبيعة عند الفرق تكون صالحة للخارجية، إلا أن اختلافهم في أمر أجنبي عن مسألة الأمر والنهي.
وبالجملة: في موارد تعلق الأمر أو النهي بمفهوم من المفاهيم، فهو باعتبار منشئه وهي الماهية الأصلية، أو الاعتبارية، دون نفس المفهوم الذي موطنه الفهم والذهن والمدرك.