نحتاج إلى حله حقيقة أو حكما، وقد عرفت منع الانحلال على الإطلاق.
إن قلت: الشبهات التحريمية كما تنشأ عن فقد النص، تنشأ عن إجماله، فإن كان من قبيل الأول فالأمر كما تحرر، وأما إن كان من قبيل الثاني، وكان جماعة من المكلفين معتقدين بعدم إجماله، فتجوز فعلية التكليف، حسبما تحرر من قانونية التكاليف الإلهية، وليست هي شخصية، كما تبين تحقيقه في محله (1)، وإذا جازت فعليتها بالنسبة إلى الكل، يكون العلم الاجمالي مؤثرا، ولازم ذلك هو التفصيل بين الشبهات التحريمية حسب اختلاف مناشئها.
قلت أولا: إنه مجرد إدعاء.
وثانيا: هو قليل جدا في قبال الشبهات، وقد اتفق الأخباريون والأصوليون على جريان البراءة في هذه الصورة، مع أن السيرة القطعية على الجريان، ولو كان مقتضى التحقيق تنجيز العلم في موارد القليل في الكثير، فليتدبر.
لا يقال: يكفي لبقاء فعلية جميع التكاليف التي صدرت عن لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) - ولو انمحت بعد ذلك على الإطلاق - وجود هذا العلم الموجب للاحتياط، ويكفي هذا أثرا لبقاء الإرادة الجدية الفعلية الزاجرة.
لأنا نقول: الأمر وإن كان كذلك، إلا أن المتعارف في باب الأمر والنهي، هو إيجاد الداعي، أو الباعثية والزاجرية، وأما مجرد كونه لأجل الغرض الآخر، فهو بعيد ذاتا فليتأمل، ويكفي على هذا جريان البراءة الشرعية، كما عرفت.
ولذلك يمكن دعوى: أن العلم الاجمالي بوجود المبغوضات المبرزة، أيضا موجود ومؤثر، لأن تلك النواهي المضمحلة الفانية غير الواصلة، مبرزة للمبغوضية التي يجب عقلا الاجتناب عنها كما لا يخفى، وعلى هذا لا يتم هذا الجواب ظاهرا.