إذا أصبتم صيدا فلم تدروا ما عليكم عملا، فعليكم بالاحتياط. وتصير النتيجة بعد ذلك هو الاحتياط العملي.
وأما الاحتياط في الإفتاء، فقد صنعه عبد الرحمن العالم الفقيه لما لم يفت بشئ، واحتمال لزوم الإفتاء بالاحتياط بعيد، كما صرحوا به (1).
ثم إن في أشباه المسألة إذا ورد سؤال عن إصابة سبع، وقال: " إذا أصبتم بمثل هذا فلم تدروا... " فلا يفهم منه إلا المماثلة في القوة القاهرة المعجزة، وتكون الخصوصية للقيد تلغي سائر الخصوصيات بالضرورة، فعلى هذا يكون المسؤول عنه صورة الجهالة الأعم، فكما إذا ورد في المثال المذكور: " فعليكم بالفرار " لا يستفاد منه إلا صورة العجز، كذلك الأمر هنا، فلا تكن من الغافلين، وتلغى خصوصية السبعية والحيوانية، ويكون الموضوع نفس العجز.
وفي بعض كتب الأصحاب لم يذكروا قوله (عليه السلام): " فلم تدروا " فوقعوا في المناقشة، وهذا أيضا من المواضع التي يقع في نظائرها الأصوليون كثيرا، ولا سيما وأن في كلمة " الفاء " إشعارا قويا بما أفيد.
وما في كتاب " تهذيب " الوالد - مد ظله - من نسخة " الواو " (2) أيضا اشتباه ظاهرا، فراجع. فعلى كل تقدير لا بأس بالاستدلال المذكور من هذه الجهة.
نعم، قوله (عليه السلام): " حتى تسألوا فتعلموا " يناسب الإفتاء، إلا أن المنظور السابق.
مع أن التعلم لأجل العمل نوعا، أقوى منه، فلاحظ.
ويمكن دعوى: أن قوله (عليه السلام): " فلم تدروا " يكون بيانا لوجه الشبه والمماثلة، أي إذا أصبتم بمثل هذا في عدم العلم والدراية، فيكون ما هو السبب للاحتياط نفس وجه الشبه، والوجه الأول أقرب.