خلافه، وهذا مما لا يجوز في تلك الأعصار، فيعلم أن حملها على التقية، غير صحيح قطعا وإن احتمله جل المتأخرين، وهذا من عجيب الأمر، لتوغلهم في إبطال أدلة الاحتياطيين.
ومما يورث الإشكال في متن الحديث: أنه بعد عدم كونه تقية قطعا، لا معنى للأمر بالاحتياط، بل عليه بيان الحكم الواقعي بعد ظهور السؤال عن الشبهة الحكمية.
اللهم إلا أن يقال: إن قوله " وترتفع فوق الجبل حمرة " يوجب أن الشبهة موضوعية، وإلا فكان أن يسأل عن ارتفاع الحمرة المعهودة، ويعلم من الرواية صدرا وذيلا، اطلاع السائل على أصل المسألة، واختلاف العامة والخاصة، فإذا كانت الشبهة موضوعية، فاللازم هو الانتظار حسب القواعد، فأمر (عليه السلام) به، وزاد عليه: " أن تأخذ بالحائطة لدينك " فإن كان هو ظاهرا في الوجوب، فيفيد القانون الكلي بأن الأخذ بالحائطة للدين - من غير فرق بين ما نحن فيه وغيره - لازم، ففي الشبهات التحريمية بعد الفحص يلزم، فاغتنم.
وبالجملة: لولا المناقشة سندا، واضطراب المتن على الوجه المشار إليه، كانت مناقشات القوم مندفعة جدا.
نعم، ربما يناقش فيه بظهور قوله (عليه السلام): " أرى لك " في الاستحباب النفسي، ويكون هو الجواب عن شبهته واقعا، وظهور قوله: " وتأخذ " لكونه عطفا على ما سبق في رجحان الاحتياط (1).
وغير خفي: أنه ولو كانت شبهة السائل حكمية، يكون الإمام (عليه السلام) قد أجابه في الجملة الأولى عن خصوص المسألة، ولكونها من مصاديق القاعدة الكلية - وهو