بالعصيان بلا بيان وبرهان قبيحة " (1) وهذا أيضا غير تام، لأن في موارد الشبهة ربما لا يكون مخالفة، ولا عصيان، لما لا أمر ولا نهي واقعي، فلا مخالفة، ولا عصيان، فيلزم تأسيس قاعدتين، إحداهما: موارد المخالفة بلا بيان، والأخرى: لغير تلك الموارد، وهو العقاب عند عدم وجود الأمر والنهي، وعدم صدورهما.
أو يلزم القول: بأن العقاب بلا بيان في موارد المخالفة والعصيان إذا كان قبيحا، ففي سائر الموارد يكون أقبح، وهذا أيضا غير تام، لأن العقلاء في الموردين يتمسكون بهذه القاعدة الواحدة من غير تأسيس للقاعدة الثانية، ولا التمسك بالأولوية القطعية.
وربما يرى في كلماتهم تقييد القاعدة ب " أن العقاب بلا بيان واصل قبيح " (2) وربما يكون النظر إلى تتميم القاعدة وشمولها للفرضين، ضرورة أنه فيما إذا لم يكن أمر ولا نهي، لا يكون بيان واصلا، وفيما يكون أمر ونهي غير واصلين أيضا يقبح، لما ليسا بعد الفحص والتيقن حاصلين، ولا يكون المستثنى متحققا.
وهذا أيضا غير تام، لعدم تقييدها عند العقلاء، وكانوا يتشبثون بها من غير تقييد، فلا بد على هذا من تتميم الاستدلال بها على وجه لا يلزم تصرف فيها، ويكون الموردان مشموليها.
وربما يخطر بالبال إنكار الموردين، ضرورة امتناع تكليف الجاهل والعاجز على وجه سواء، ولا يعقل كون الأمر والنهي غير الواصلين، نهيا وأمرا جديين، لما لا يعقل باعثيتهما، وإنما يتنجز الأمر والنهي الواقعيان قبل الفحص، إذا كان الفحص منتهيا إليهما، وإلا فلا.