قريبا.
ويندفع بأن منافاة الأمر ومضادته للمبغوضية إما بنفسه أو بلحاظ أثره أو بلحاظ مبدئه، وهي المحبوبية إما بنفسه فهو مقابل للنهي لا لغيره، وإما بلحاظ أثره وهو القرب فهو مقابل للبعد، والمفروض أن المبغوض الفعلي لا يصدر مبعدا فكيف ينافي صدوره قريبا، وإما بلحاظ مبدئه، وهي المحبوبية الفعلية فهي مضادة مع المبغوضية الفعلية على ما هو المعروف من تضادهما كتضاد الأمر والنهي لكنه يمكن دفع المحذور بوجهين: أحدهما: ما تقدم منا في مبحث الطلب والإرادة من خلو الأحكام الإلهية عن الإرادة التشريعية رأسا لما مر منا أن الإرادة الذاتية في المبدأ الأعلى ليست إلا ابتهاج الذات بذاته، وحب ذاته لذاته، ومن أحب شيئا أحب آثاره فيكون ما يترشح من ذاته محبوبا بالتبع، ومرادا بالتبع فالمراد بالذات في مرتبة الذات نفس الذات، وغيره مما ينبعث عن ذاته كجميع مصنوعاته مرادا بالتبع كما أن المعلوم بالذات في مرتبة الذات نفس الذات وغيره معلوم بالتبع فكل ما ينبعث عن ذاته تعالى مراد وغيره غير مراد فما يدخل في نظام الوجود الامكاني داخل في النظام الشريف الرباني فهو المراد بالتبع دون غيره فمثل إنزال الكتب وإرسال الرسل، والبعث والزجر الموجود كلها في نظام الوجود داخل في المراد بالتبع، وما لم يتحقق في الخارج مما تعلق به البعث غير داخل في المراد بالتبع، لعدم دخوله في النظام الامكاني حتى يكون داخلا في النظام الرباني فتدبره فإنه دقيق.
وأما في غير المبدأ الأعلى من المبادئ العالية، وكذا في الأنبياء والأئمة عليهم السلام بل في العلماء المبلغين للأحكام بل في كل مولى عرفي يبعث لمصلحة عائدة إلى العبد فلا إرادة تشريعية أيضا إذ الفائدة غير عائدة إلى الأمر حتى يشتاق الفعل المقتضي الفائدة، وما لم يرجع الفائدة إلى جوهر ذات الشخص أو إلى قوة من قواه لا يعقل أن ينبعث من تصورها شوق إليها.
نعم حيث أن إيصال الفائدة يترتب عليه فائدة عائدة إلى الموصل ببعثه