ويحدث فيها الآلام الجسمانية من غلبة الدم ونحوه عند الغضب وشبهه فلا مانع من حدوث منافرات روحانية وجسمانية بواسطة الملكات الرذيلة النفسانية المضادة لجوهر النفس فليس عقاب من معاقب خارجي حتى يقال كيف العقاب من الحكيم المختار على ما لا يكون بالآخرة بالاختيار، وفى الآيات والروايات تصريحات وتلويحات إلى ذلك فقد تكرر في القرآن المجيد * (انما تجزون ما كنتم تعلمون (1)) * وقال عليه السلام " إنما هي أعمالكم ترد إليكم (2) " فراجع.
وثانيهما: المثوبة والعقوبة من مثيب ومعاقب خارجي، وهذه المثوبة والعقوبة هو الذي ورد به ظاهر التنزيل فقصرهما على الأول خلاف ظواهر الكتاب والسنة، وتصحيحهما بعد صحة التكليف بذلك المقدار من الاختيار في غاية السهولة إذ كما أن المولى العرفي له مؤاخذة عبده إذا أمره فخالفه كذلك مولى الموالى إذ لو كان الفعل بمجرد استناده إلى الواجب تعالى غير اختياري وغير مصحح للمؤاخذة لما صحت مؤاخذة المولى العرفي أيضا، وإذا كان الفعل في حد ذاته قابلا للمؤاخذة عليه تكون المؤاخذ ممن إنتهت إليه سلسلة الإرادة والاختيار لا يوجب إنقلاب الفعل عما هو عليه من القابلية للمؤاخذة ممن خولف أمره ونهيه.
والتحقيق أن الأشكال إن كان في استحقاق العقاب على مثل هذا الفعل المنتهى إلى ما لا بالاختيار.
فالجواب عنه: بترتب العقاب من باب الملازمة بينه وبين المعصية وأنها كالمادة للصورة لمنافرة في الآخرة، أجنبي عن مبنى الأشكال بل المناسب لهذا المبنى هو الوجه الثاني وإن كان الأشكال في فعلية العقاب ولو مع ثبوت الاستحقاق واختيارية الفعل حقيقة من حيث استحالة التشفي فالجواب بأن