الوقوع لابد من أن تكون للملازمة بين الوقوع وطلب الوقوع، ومن البين أن الوقوع من المنقاد لازم لطلبه منه فالبعث نحو المنقاد ملزوم لوقوع المبعوث منه في الخارج فلذا أخبر عن اللازم إظهارا لتحقق ملزومه، ومن الواضح أن البعث الذي لا ينفك عن الوقوع من المنقاد هو البعث الحتمي، وإلا فالبعث الندبي ولو إلى المنقاد لا يلازم الوقوع بل ربما يكون وربما لا يكون، وأما استفادة ذلك بملاحظة أن الوقوع لا يكون إلا مع ضرورة الوجوب فالمراد إظهار لأبدية الوقوع بالاخبار عن الوقوع المستلزم لضرورة الوجود فبعيدة في الغاية عن أذهان العامة في مقام المحاورة.
قوله: إنما يلزم الكذب إذا أتى بها بداعي الاخبار والاعلام الخ:
القصد الاستعمالي المتعلق بالجملة لا واقع له وراء نفسه فلا يعقل اتصافه بصدق ولا كذب بل مناط الصدق والكذب هو القصد الجدي أن تعلق بمضمون الجملة ولولا لداعي الأعلام وحصول العلم للمخاطب، بل لإفادة لازمه أو إظهار التألم كما في قولك [الهواء حار] و [بارد] وإظهار التأسف كما في قولك " مات زيد " إذا علم المخاطب بموته، وبعلمك بموته فان هذه الأغراض لا تترتب على الحكاية الحقيقية بخلاف الكتابة فإنه لمجرد الانتقال من الملزوم إلى اللازم فلا شأن لمضمون الجملة إلا كونه قنطرة محضة إلى اللازم، وكك الاخبار بداعي البعث و التحريك فإنه لمجرد إظهار الطلب.
فان قلت: الحكاية والكشف والإرائة حقيقة بلا محكي ولا مكشوف ولا مرئي حقيقة محال فلا يعقل أن يتعلق به القصد فما المقسم في الخبر الصادق و الكاذب؟
قلت: المراد من الحكاية الحقيقية بالجملة الخبرية إحضار الواقع باحضار المفهوم الفاني فيه في ذهن المخاطب بتوسط إحضار اللفظ، وحضور الواقع بنحو فناء المفهوم فيه في ذهن المخاطب لا يستدعي ثبوت المطابق في الخارج إذ العلم يتقوم بالمعلوم بالذات لا بالمعلوم بالفرض، وهذا الأحضار الخاص ربما